نعمات موافي تكتب: هوذا الكل قد صار جديداً
بقلم: نعمات موافي
ونحن على أعتاب سنة جديدة 2023، وجدت ذهني يأخذني لبعض الوقت لنتجول بين فصول وشهور وأيام 2022 مفتشاً بين مشاعري لتَقيِيم ووزن ومراجعة قراراتي فيها، وبينما أنا مشدودة بل ومجرورة من ذهني، خرج عليَّ صوتاً من ضميري ليسألني، هل أنتى راضية مرضية على سلوكياتك في هذه السنة؟
وقبل أن أجيب تدخلت روحي لتذكرني بقصة روتها لي معلمتي وأنا صغيرة، فأخذتني روحي خارج الزمان والمكان لمشاهدة القصة كما تخيلتها وأنا صغيرة، حيث شاهدت فلاحاً يجلس تحت شجرة وارفة على الترعة أمام حقله ليتناول وجبة الغذاء وقد لفت نظره شيء أبيض بين الحشائش النامية حول الشجرة، فتحرك نحوها فوجد بيضة كبيرة الحجم، فرح وظن أنها بيضة أوزة كبيرة، أكمل وجبة الغذاء ولف البيضة الكبير في قطعة القماش وسط أطباقه الفارغة، ثم عاد لبيته وشاهدت زوجته البيضة الكبيرة التي لم ترى مثلها من قبل، وأصرت أن تضعها بين بيضات ترقد عليها دجاجة في أحد أركان بيتها.. مرت الأيام سريعة وفقس البيض وخرجت الأفراخ منها، نادت الزوجة على زوجها لتريه سبعة كتاكيت، ما أجملهم ومعهم طائر غريب بلا شعر، حجمه كبير عنهم وهنا ضحك الفلاح قائلاً لزوجته، أنه نسر يا ست الناس وفرحا معاً مرحبين بفرخ النسر الذي شرفهما، قائلاً لها أن ثمنه كبير جداً..
مرت الأيام والفلاح وزوجته يراقبان فرخ النسر وهو يكبر أمامهما وحتى يضمن أنه لن يطير ويهرب منهما طلب من زوجته ألا تفتح شباك الحظيرة.. وبينما يلعب باقي أخواته كان فرخ النسر يتبع الدجاجة التي يظن أنها أمه في كل مكان، بل ويلتقط معهم الغذاء ويحاول أن يقلد حركتهم والجري ورائهم وهم يقفزون على ظهره بينما هو يخاف أن ينفضهم من عليه.. كل يوم حجمه يزداد حتى صار أكبر من الدجاجة التي يعتقد أنها أمه، وزوجة الفلاح تجرده من ريشه كلما نما .. والفلاح يسأل التجار كلما ذهب إلى سوق الثلاثاء عن سعر النسور حتى يجد المشتري له ويغنم هو بسعره الكبير.. ظل النسر يعيش كالدجاج الذليل الملتقط طعامه ووجه في ارض الحظيرة بما تحمله من فضلات وقذورات.. وفى يوم مشمس فتحت زوجة الفلاح النافذة للتهوية وتغير رائحة الحظيرة القذرة، فامتلأت بأشعة الشمس.. أنتعش النسر ولأول مرة يفرد جناحية فوجد نفسه يرتفع عن الأرض، ضم جناحية وظل يجري فرحاً بين الدجاج، هم يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ، بل ويَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا، وَأَمَّا هو فَيُجَدِّدُ قُوَّةً، وعندما يَرْفَعُ أَجْنِحَته يرتفع من فوق الأرض. ظل يَرْكُضُ وَلاَ يَتْعَبُ، يَمْشُي رافعاً رأسه وَلاَ يُعْيُا، وهنا أدرك أنه كائن مُختلف عن باقي الدجاج.. حتى قرر أن يقفز على عتبة الشباك.. فَرد أجنحته الكبيرة طائراً ليداعب أشعة الشمس التي تحتضنه لتأخذه مرحبة به في أجواء المجد محلقاً في عالم الحرية في ملكوت النسور وابناء النور.
فجأة وجدت الضحك بملء فمي والأغاني تفيض من لساني وروحي تقول: "صَغِيرةٌ أَنَا يارب عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَرحمتك ومحبتك وجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَىَّ، فَإِنِّي عَبَرْتُ كل الأُرْماتُّ بكَ، وَالآنَ قَدْ صِرْتُ على َصْوَرْتكِ البهية صورة الله الخالق.. فإِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِك أَنَّنَي لَمْ أفْنَىَ،وأنني أعيش السما علي الأرض لأَنَّ مَرَاحِمَكً ومحبتك لاَ تَزُولُ يارب العالمين.. “، ظل لساني وقلبي يهتفان ويلهجان بالشكر والحمد لملك قلبي وروحي.. وفجأة أدخلتني روحي فى الزمان والمكان لأرى 2022 وقد كلَلَّهاَ إلهي بِجُودِه، وَآثارُه فيها تَقْطُرُ دَسَمًاً، وسأدخل معه 2023 وقَدْ صَارَ الْكُلُّ جَدِيدًا..
والحق أقول لكم هيا لنتمرد على حياة الدواجن المنكسة للرأس محدقة بعيونها نحو ارض الحظيرة لتلتقط ما يوضع لها وبعدها تباع للذبح ..
هيا نفتح ونرفع أجنحتنا لنحلق فى أجواء المجد نداعب أشعة شمس المحبة والفرح والسلام والأمان، شمس البر والشفاء بأجنحتها في 2023..
دمتم في نعمات رب الحياة من أمجاد صورة الرحمن لأمجاد الصورة الإلهية المخلوقين عليها، ليدير علينا سلامه كنهر متدفق ونكون كشجرة مثمرة مغروسة بجانب مجاري المياه مملوءة بالثمار الفرحة...
لكم مني وافر المحبة وجزيل الشكر مع تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية.