The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

زينب علي البحراني تكتب: المُثقفون والسُّوشيال ميديا

كان يُفترض أن يكون عنوانُ هذا المقال: "المُثقفون ووسائِط التواصُل"، لكن بما أننا – في عالمنا العربي- وصلنا إلى تلك المرحلة التي يجدر بالكاتِب شرح المُصطلحات العربية ليفهمها الناطقين باللغة العربية، اخترنا التعبير الشعبوي الشائع على ألسنة عامة الناس ليكون ترحيب عقل المُتلقي به أسرع. مثلما قدَّمت وسائط التواصُل الحديثة خدماتٍ جليلة للبشرية بوجهٍ عام وللإبداع والثقافة بوجهٍ خاص؛ إلا أن انفلات هذا الطوفان من عُقاله أحدَثَ انقلاباتٍ مُفاجئة سببت صدماتٍ لبعض المُبدعين والمثقفين ممن يبدو هذا العالم الجديد المُزدحم المُتلاطم أكبر من قُدرتهم على الغوص فيه ومواجهة أمواجه العالية، فبينما كانوا مُعتادينَ على أن يُقدمهم التلفاز والصحافة بأسلوبٍ رصينٍ يليق بهيبتهم؛ انسحب دور التلفاز والصحافة تاركًا هؤلاء يبحثون عن طريقةٍ لـ "تدبُّر أمرهم" مع تلك الوسائط الإلكترونية الفردية التي تختلف معايير النجاح والشهرة فيها عن معاييرها التي يُقدمها الإعلام التقليدي سابقًا، لقد صاروا مُضطرين للظهور عبر تلك الوسائط باستمرار أو سينساهم أكثر الناس، ولا يكفي أن يكون الظهور عاديًا بالتقاط صورٍ أو نشرِ خبر؛ بل يجب أن يكون ظهورًا مُبهِجًا مُسليًا للجماهير كي يجذب اهتمامهم ولا يُلغوا مُتابعة صاحب الحِساب، وهُنا تبدأ مواجهة مُعادلات فائقة التعقيد: إبهاج الآخرين وجذب اهتمامهم دون التخلي عن الرزانة والأخلاق الحميدة، إهدار الوقت في إعداد المواد التي تُبهج هؤلاء الناس مع الاحتفاظ بوقتٍ لتثقيف الذات والاشتغال على المُنجز الإبداعي، تحمل تعليقات المتابعين السخيفة والتحلي بضبط النفس مادام وجهًا لوجه أمام فوهة المدفع دون وسيط! هُنا ظهرت مهنةٌ جديدة تُسمى "إدارة حسابات مواقع التواصل" إلى جانبة مهنة "العلاقات العامة" المعروفة، لكن المشكلة أن العاملين في هاتين المهنتين في عالمنا العربي لا يعرفون أو لا يفهمون ما يتطلبه الأمر في العصر الحديث لمحافظة على بقاء اسم هذا المبدع أو المثقف في ساحةٍ عالية التنافُسية، وبينما يطلبون أجرًا كبيرًا لا يقدمون أكثر مما يستطيع تقديمه لنفسه بنفسه، فلا حملات قوية واضحة لنشر المحتوى الذي يُقدمه، ولا استغلال لشبكات علاقاتهم في استدعائه لفعاليات فنية وثقافية، ولا تصعيد إيجابي لاسمه عبر مواقع واسعة الانتشار، وبهذا يشعر أن أموالهُ أهدرت دون طائل من مؤسسات مازالت أميَّة في هذا المجال مُقارنة بما تقدمه الوكالات والمؤسسات المتخصصة بتلك الشؤون في أمريكا والهند وكوريا الجنوبية! نحنُ نشهدُ فترة انزياح وجوه ثقافية كان وجودها عملاقًا قبل ثورة وسائط التواصُل الإلكترونية السريعة لأنها لا تجد اليوم من يهتم لها رغم المستوى الرفيع لمُنجزها الإبداعي، مُقابل صعود نجم شخصياتٍ أُخرى أقل شأنًا، لا لشيء إلا لصعوبة تواصُل الأولى مع الإيقاع السريع لحركة هذا العالم الإلكتروني الفردي المُعقد، وسهولة انطلاق الثانية في شوارع هذا العالم لأنهم يُتقنون لُغة تلك الشوارع، ويبدو أن لا بقاء لاسم مثقف أو مُبدع في أذهان المُتلقِّين إلا إن استسلم صاحبه لهذا الواقع.