نعمات موافي تكتب: أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ
بقلم: نعمات موافي
في مقالاتي كثيراً ما تعرضت لـ مصطلح "الجين الإلهي" دون أن أسترسل فيه أو أفصح عن معناه، بل حددته بأنه هو "الصورة الإلهية" أو صورة الرحمن المخلوق عليها الإنسان في أحسن تقويم، وهذه الصورة تجعل الإنسان تاج كل المخلوقات الإلهية، يحيا المَجْدٌ، مكتسي بالبهاء والكَرَامَةٌ وَفى سَلاَمٌ يدوم كنهر متدفق.. وهناك أبحاث ومقالات علمية وكتب كثيرة كتبت في هذا الموضوع وأشهرها كتاب سنة "الجين الإلهي The God gene" "دين هـ. هامرDean H. Hamer" 2005
وقد تسبب في ضجة علمية كبيرة لم تهدأ إلى الآن لأنه ببساطة أفترض وجود علاقة بين الروحانيات والجينات التي تتوارثها الأجيال وهنا بطبيعة الحال أعترض عن وضع هذه الروحانيات في المعامل المجهرية!!
ودعوني أشرح الأمر بطريقة بسيطة وسهلة.. وهو أن الله خلق الإنسان الأول آدم "بذرة الشجرة الإنسانية" على صورة الرحمن وشبهه، أي حامل طبيعة الله الأدبية في داخله.. "أني جاعل في الأرض خليفة" وكما يحمل الخلف سمات السلف، هكذا خلق الله آدم حاملاً الصورة الإلهية في داخله جاعلاً شرائعه في ذهنه، مكتوبة في قلبه أي في مشاعره، وبتمرد آدم قاد كل ذريته للخروج عن السيستم الإلهي الغريزي الموثق في خلاياه، في روحه ونفسه وجسده، وعصا أدم فعصت ذريته، فجحَد وجحَدت ذرِّيَّتُه ونسِي فنسِيَت ذرِّيَّتُه وخطِئ فخطِئت ذرِّيَّتُه.. ومن هذه اللحظة تم طمس وتشويه الصورة الرحمانية التي يحملها الإنسان في داخله بكامل ذهنه ومشاعره وإرادته الحرة..
وعندما سلم الرب لوحي الشريعة الحجرية للنبي موسي، كانت مكتوبة لشعب ساقط يحاول أن يقترب من الله بطبيعته الفاسدة وهذا ما جعل موسي يكسر لوحي الشريعة لكسرهم أول الوصايا بعبادتهم رادوبيس أي العجل الذهبي.. فالتشريع الإلهي أو ما يطلق عليه الناموس موضوع ليس للأبرار والصالحين، بَلْ لِلأَثَمَةِ وَالْمُتَمَرِّدِينَ، لِلْفُجَّارِ وَالْخُطَاةِ، لِلدَّنِسِينَ وَالْمُسْتَبِيحِينَ، لِقَاتِلِي الآبَاءِ وَقَاتِلِي الأُمَّهَاتِ، لِقَاتِلِي النَّاسِ، لِلزُّنَاةِ، لِسَارِقِي النَّاسِ، لِلْكَذَّابِينَ، لِلْحَانِثِينَ، وَلكل مُقَاوِمُ وطامس ومشوه لتَّعْلِيمَات وسمات الجين الإلهي الصَّحِيحَة التي كانت مكتوبة في ذهن آدم المخلوق في الصورة الإلهية التي كانت في أحسن تقويم..
ولك أن تتخيل معي أباً له ابن صالح، فهل تعتقد أن أبوه سيقول له يوما، أفعل ولا تفعل أو حرام وحلال..؟ فكل تحريم بأي دين يشير إلى استباحة يعيشها من نزلت فيهم هذه الوصايا، فلوا قلت لأحد حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم.... فمن المؤكد أن هؤلاء القوم يفعلون ذلك وإلا عرضت نفسك للنقد والمشاحنات أو تركك تهزي مستهزأً بك، ولو قلت لأحد قم تحمم أو أغتسل، فأنت تشير بعدم النظافة لهؤلاء.. فالحيوانات كالقطط تنظف نفسها غريزاً دون أن يشير عليها أحد بذلك أو تنزل فيها شرائع!
فالإنسان لا يحتاج إلى تشريعات ونواميس لتصحيحه وجعله صالح، فقد صرخ أحدهم قديماً قائلاً: "ويلي أنا الأنسان التعيس لأنني كلما أردت أن أفعل أي شيء صالح أجد الشر الذي في داخلي ماثل أمامي..
ولكن ما الحل في إعادة تفعيل الجين الإلهي واستعادة الصورة الإلهية في داخلي؟
الحل هو الدخول إلى الفابريكة الإلهية أي مركز الصيانة الربانية لاستعادة الصورة الحقيقة، وهو أن أطلب من خالقي القدير أن يعيد تشكيلي من جديد مفعلاً فيَّ صورته الإلهية لأحيا فيه وهو فيَّ.. أقول له رد لي صورتك وسماتك في روحي ونفسي وجسدي ليشكلني من جديد، وهو السميع البصير والقدير، ولن يرد طالبية..
أطلبه الآن من مكانك وهو المُجيب، يعلن لك ذاته وتراه فيغير حياتك، لتقول هوذا الكل قد صار جديداً، جاعلاً نواميسه وشرائعه وأخلاقه وقداسته منقوشة في ذهنك، وقد صاغها على قلبك، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِه الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍك اللَحْمِيَّةٍ الجديدة التي تنبض بالمحبة والحياة.
دمتم في محبة القدير ونعمات الودود، تنضحون بالقداسة والفرح، وملء الفلاح، والنجاح والتوفيق..