نعمات موافي تكتب: وَقُل جَّوَجِّلْ زِدْنِي عِلْمًا
بقلم: نعمات موافي
اسمحوا لي في مقالي هذه، بأن أعترف لكم بما انتابني من مشاعر الاشمئزاز عندما شاهدت رجل مسكين يصرخ أمام محكمة الأسرة ويأن من الظلم الواقع عليه من قاضي عقله فارغ من كل نواميس العدل لأنه يحكم بتشريعات الهشاشة البكاشة وللأسف كلما زادت الفكرة هشاشة أزداد إرهاب المدافعين عنها.. وعندما رفع الأستاذ دعوة زنا على زوجته، وذلك بعد الكشف عن خيانتها له طيلة أحد عشر عاماً، مثبتاً دعواه بتقارير تحاليل الحمض النووي ودعوى إنكار وعدم نسب لأبنائها الثلاثة له، والتي رفضتها المحكمة. وقد استند القاضي بقاعدة فقهية تقول "الولد للفراش" فتقتضي بإلحاق نسبهم لشريك الفراش المزعوم، وطز فى التحليل واضرب كل المقاييس العلمية والأخلاقية والمنطقية بعرض الحائط..
وحقيقي ما زادني قرفاً هو الإحصاء المُعلن حتى نهاية ديسمبر الماضي (2022)، بأن هناك نحو 12 ألف قضية إنكار نسب مقامة أمام محاكم الأسرة، وهي التي تحيل تلك القضايا عادة لمصلحة الطب الشرعي لإجراء تحليل أثبات النسب لهؤلاء الأطفال لآبائهم أو عدمه، لكن هذه المحاكم غالبا ما تأخذ بقاعدة «الولد للفراش» وللعاهر الحجر أي الرجم.. فإذا كان التحليل إيجابي أي أثبت نسب الأطفال يؤخذ به وإن نفي التحليل وأثبت عدم النسب، لا يؤخذ به لأن تحليل إثبات النسب بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار وحتى لا تُكسر القاعدة الفقهية والأحكام القراقوشية.. ، وهلم جر وأخاف أن يأتي اليوم الذى أرى فيه القاضي يطلب من مدعي النيابة أن يشعل النار ويضع عليها "البَشعةُ" حتى تسخن ويضعها على ألسنة المتهمين ليتأكد صدفهم من عدمه.. ويصدر أحكام قراقوش في هذا الزمن الرديء..
والعقل زينة الإنسان المُخلوق المكرم العجيب في أحسن تقويم، وهو من أهم موازين القياس الذهنية الذهبية وعندما ندوسه تهتز أسس العدل وتنقلب أعمدة الحق على رؤوس المُظلومين.. بل ومنهجه الجهل والدجل والهبل على الجبل والأخذ بأسبابه استشرى فى مجتمعاتنا كانتشار النار فى الهشيم لنرى مثلا أطباء متخصصين في "النساء والولادة" هم أول من يدوس على "علم الأجنة" ليثبت صحة "فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا.. “، أو احتمالية أن يظل الجنين في حالة توقف وخمول لمدة أربع سنين حتى يولد.... وعليك بالصمت والخرس حتى لا تتهم بالكفر والزندقة والخروج من الدين.. والكل يرفعون شعار العلم والإيمان الموضوع في الإطار الذهبي والقائل "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا"، فبربك كيف تطلب منه أن يزيدك بالعلم وأنت تدوسه بأقدامك؟ هذا فقط كمثال وليس للحصر.....
نعم أني ألتمس العذر لذهني العاقل المتمرد على هذا الواقع المرير بل وأوسع له طرق الأخذ بأسباب العلم وتفعيله كمنهج حياة، بل وأنحني أمامه أجلالاً وتكريماً عندما قفز على مكتبي واضعاً بروازاً جديداً مكتوب فيه "وَقُل جَّوَجِّلْ زِدْنِي عِلْمًا"، ليدندن مردداً صوت الحياة القائل "قَدْ بَاَدَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ. لأَنَّهَ رَفَض الْحَكْمةَ".. فقلت ولا الضالين، أمين..
وحتى لا أطيل عليكم لأن كثرة الكلام لا تخلوا من المعصية، وفى الزمن الرديء فليصمت الحكيم..
دمتم في نعمات رب الحياة والمحبة لننطلق نحو الحياة الأفضل لنحقق مشيئة القدوس، كما في السماء كذلك على أرضنا لننعم بالحضرة البهية فى ظل القدير نبيت.. مع تمنياتي للجميع بغامر السعادة ويدير الله سلامكم كنهر فيتبعكم الخير والرحمة كل حين.