A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

مينا ماهر يكتب: دردشة…بالعربي الفصيح... رواية ”إلى متى تجوع الضباع؟” (10)

مقدمة: بدأت في كتابة هذه الرواية في مايو ٢٠١١ وانتهيت منها في نوڤمبر ٢٠١١! تدور أحداث الرواية في أول ستة أيام من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، لذلك يجب أن تقرأ في السياق الزمني والسياسي المناسب لهذه الفترة!  في الحلقة السابقة: قرر شريف العودة مرة أخرى إلى التحرير لمشاهدة حريق مبنى الحزب الوطني، عقب خروجه من حجز قسم شرطة قصر النيل، ولقاءه بخالد؛ ولحق به خالد مضطراً ليطمئن على سلامته إلى أن يصل ويحل محله خامسهم الثري تامر الدسوقي! أما چو فقد قرر هو الآخر العودة للتحرير للبحث عن خطيبته بنفسه، بسبب عجز أجهزة الأمن في الدولة في ظل تلك الظروف المضنية!  

حلقة ١٠:

"الحزب الوطني الديمقراطي"

يا لھا من وقاحة أن يصف حزب، وُصم بالفساد و الغش، نفسه بـ الديمقراطية، و أن تكون أطول كلمة في اسمه ھي كلمة "الديمقراطي"، في عصرٍ انفتحت فيه الشعوب على بعضها و صار من الصعب جداً خداعها وإبقائها في الظلام كما كان الحال في الماضي؛ و ھذا ما لم يحسب له الحزب الوطني الديموقراطي حساباً. كانت النيران تلتھم مبنى الحزب بشراهة كمن يسترد حقه، ووقف  جمع من الشباب الثائر، من بينھم شريف و خالد، متأملين مشھد الحريق، ومنهم من ساهم أكثر في ٕاشعار النار! تحمس شريف هو الآخر أمام هذا المنظر، فاستل حجرة متوسطة الحجم من طرف الطريق و رجم بها المبنى المحترق ضاحكاً بجنون كالأبله، ثم قال لخالد بنبرة حالمة مليئة بالغضب المستتر: - آه…نفسي بقى امسك حسني بنفسي و أحاكمه، و ٔاھي ھانت. فرمقه خالد بنظرة ذات معنى و سٔاله بفضول: - ايه اللي يھمك اكتر؟ تصلح من حال البلد ولاّ تحاكم حسني مبارك؟! كان من السھل جداً أن يُلھي شريف (عمداً) عن هذا السؤال الصعب الصادم بأصوات المتظاھرين القادمة من ناحية المتحف المصري المجاور و ھي تصرخ فجٔاة: - الحق الحرامية...ٔامسكوا الكلاب دول!  

"حظر تجول!"

 أقام الجيش لجاناً عسكرية في بعض المناطق لفرض حظر التجول؛ إحدى ھذه اللجان كانت تتكون من ثلاثة جنودٍ مسلحين، يتسامرون أثناء الحراسة، و إذ بكشافات سيارة تتجه نحوھم ببطء فاوقفھا احدھم بينما استمر الآخران في ملاحظة الطريق. كان تامر الدسوقي هو من يقود تلك السيارة، فابتسم و قال بلطافة للجندي الذي أوقفه: - مساء الخير يا دفعة! - مساء النور، بطاقتك لو سمحت! اخرج تامر له بطاقته و قال: - اتفضل! اخذھا الجندي من يده و نظر فيھا جيداً ثم قال لتامر: - رايح فين يا تامر؟ - رايح التحرير! ابتسم العسكري من صراحة تامر فالتفت حوله  تلقائياً محاولاً إخفاء الابتسامة و استرسل: - رايح تعمل ايه في التحرير؟ ھو مش فيه حظر تجول دلوقتي؟ - ايوة يا دفعة، ما انا رايح عشان حظر التجول. - عِند يعني؟! - لا يا دفعة!...انا ساكن في التحرير. فحص الجندي بطاقته ليتٔاكد من صحة كلامه ثم نظر له بحنق: - انت مش ساكن في التحرير؟ انت بتستعبطني؟ - استغفر الله العظيم، لا إله إلا الله، العنوان في البطاقة قديم حضرتك، و لسة ما غيرتوش. أنّ المجند و ھز رٔاسه و نظر سريعاً داخل سيارة تامر و قال له وھو يطرق طرقتين بيده على مقدمة السيارة: - طب ٔاتفضل ، و روح على طول! عادة يقوم تامر، في مثل هذه المواقف، بالاستنجاد الفوري بمعارفه الذين في الداخلية، ولكن نظراً للظروف الراهنة أيقن أنه اعزل، ولا مخرج له إلا أسلوب التلاعب، فشعر بعدھا بالأسف على أيام السلطة و النفوذ، حين كانت استغاثته أمراً رهن التنفيذ، فانطلق بعربته بعيداً بحسرة متجهاً إلى ميدان التحرير! دنا ضوء كشافات مركبة أخرى  من نفس اللجنة؛ فتم استوقافھا، و اذ بـ چو ھو قائدها بعد ٔان استطاع ان يھرب من والديه بأعجوبة، فسٔاله نفس الجندي: - بطاقتك لو سمحت! أعطاه چو البطاقة، فنظر فيھا المجند و سٔاله هو الآخر: - على فين يا يوسف كده؟ - التحرير... - التحرير برضه؟ مرة واحدة كدة و في عز حظر التجول؟ رايح التحرير ليه؟ - ادور على خطيبتي. - ھي خطيبتك بتتظاھر في التحرير؟ صمت چو لثوان و ٔاجابه: - لا اتخطفت في التحرير! ضحك الجندي ساخراً من چو و علق: - لا جديدة يا عم يوسف، ملعوبة! ماشي، بس الطريق دا مقفول، دور عليھا في حتة تانية! شحن چو بشحنة غضب عاتية فأجابه بعنف: - انت فاكرني باھزر معاك ولا ايه؟ فٔاجابه الجندي بكل برود: - لا ابداً العفو...ھي الحاجات دي فيھا ھزار؟! عالعموم لف و ارجع و ابقى دور عليھا وقت تاني. الصباح رباح! استدار العسكري بلامبالاة  و كٔان الحوار قد انتھى من ناحيته، اما چو فقد خرج من سيارته مندفعاً بغضب بسبب استفزاز الجندي له؛ فصوب الجنود أسلحتھم نحوه فوراً، فاسترسل چو  في صراخه بقلب ميت: - بٔاقوللك خطيبتي مخطوفة في التحرير، تقوللي لف وارجع. أعملك ايه عشان تصدق، اجيبلك شھادة من اللي خطفھا؟ اما حاجة غريبة. لم يجبه الجندي بكلمة، ولكن عندما نغزه زميله الآخر بوخزة في جنبه مصحوبة بٕاشارة كودية بأن يسمح له بالمرور تجنباً للمشاكل، قال الجندي الأول لچو مفسحاً له الطريق: - أتفضل يا سيدي، ھي جت عليك يعني!  

"كم عدد اللصوص؟!"

 ھرج و مرج حدثا فجأة امام المتحف المصري، حيث اقتحم بعض اللصوص بازار المتحف الذي يقع في الجھة الجنوبية الغربية من سور المتحف، بهدف سرقة البرديات والفضيات المختلفة التي تباع ھناك وقتما كان الجميع ملھيين باخماد - او اشعال - حريق مبنى الحزب، فھرع كل الشباب المثقف من جميع الجهات لحماية المتحف عند سماعھم الاستغاثة، فركض كل من شريف و خالد في شارع وسيم حسن الذي يفصل بين النيل ھيلتون و كل من المتحف و مبنى الحزب الوطني ليساهموا في عملية الانقاذ؛ و حيث ان البازار منفصل عن المتحف، فقد تم القبض على بعض اللصوص سريعاً؛ اما الآخرون فقد ھربوا و اختفوا و سط الزحام. وتم إطلاق القنابل المسيلة للدموع من قبل بعض قوات الأمن - سواء كان على نحو الصدفة أو عن سبق إصرار و ترصد - فتعسرت الرٔوية حتى تمكن بعض اللصوص المقبوض عليھم من الھرب بدورهم! لكن نجحت مجموعة من الغوغاء، مستغلةً نفس دخان القنابل الممتزج بدخان حريق مبنى الحزب المجاور، من تسلق سلالم الحريق الخلفية المؤدية الى سطح المتحف و قاموا بكسر زجاج المناور الزجاجية و نزلوا بالحبال الى داخل المتحف! و قد لاحظ بعض الشباب ھذا الموقف فصرخ واحد منهم وردد وراءه الجميع على حدى: - حوش ….فوق …فوق! - آه يا ولاد الحرامية! - دول كتير! ثم ما لبث الجميع أن صاروا يسبون و يلعنون و يتساءلون "لصالح من!؟" و يستفسرون عن عدد اللصوص الذين نجحوا في التسلل الى داخل المتحف؛ فقال احدھم "ثلاثة"، و ٓاخرون"أربعة"، و الأغلبية أجمعت انھم عشرة، بينما ٔاصر خالد من وسط الجموع انھم كانوا تسعة فقط، فالتفت الى جانبه الأيمن ناحية شريف، محاولا تٔاكيد معلوماته، و اذ به يفاجأ بان شريف ليس بجواره. في نفس اللحظة أربت أحد المتظاھرين على ظھره بلطف، منتقلا من شخص الى آخر ملفتاً نظرهم بنفس الأسلوب   مردداً: - ميدان التحرير يا جماعة! ميدان التحرير...! نرجع ميدان التحرير...  

"طظ في المتحف!"

  كما كان ميدان التحرير مقراً للاعتصام و التظاھر، كان ايضاً مكاناً لتعارف المتظاهرين و تبادل الضحكات، و إلقاء المونولوجات و تداول النكات، قتلاً للوقت! الأمر الذي أفقد الثورة  مصداقيتها في رٔاي البعض! و في إثر هذا المناخ الاجتماعي الدافيء كون "علي"، أثناء وجوده في قلب الأحداث لمدة أربعة أيام متواصلة، عدة صداقات ومعارف أضفت عليه بعض من الارتياح النفسي! لكن عندما نزحت فجأة وفود غفيرة من الشباب من ميدان التحرير تجاه المتحف قرب الساعة التاسعة مساء، تساءل علي ما عسى أن تكون المشكلة، الى أن تناثرت إجابة هذا السٔوال على لسان بعض الثوار قائلين: - المتحف بيتسرق! فاستدار علي نحو أحد معارفه الجدد من الشباب المعتصم و يدعى كرم، و كان قد ألقى هذا قصيدة ثورية على مسمع من الجميع، و دمدم بلھجة قلقة: - دا باينه المتحف بيتسرق يا كرم! فٔاجابه كرم بلا اكتراث: - و ماله ...ما ھو متوقع انه تحصل فوضى! - اه بس مش لدرجة انھم يسرقوا المتحف. - ليه ھو المتحف على راس ابوه ريشة...ما زيه زي غيره من المصالح اللي انخربت. - لا اله الا الله! ايوة يا عم كرم بس دا المتحف المصري، قوم بينا نشوف اللي بيحصل. حاول علي أن ينتشل يد كرم و لكنه أبى وقال ممتنعاً: - طظ في المتحف و في ابو المتحف و اللي في المتحف! جرالك ايه يا علي؟! احنا يھمنا الدولة ككل مش بس المتحف! المتحف ٓاھه فيه اللي بيحميه. تصلب وجه علي فجأة و ثقلت قدماه و كٔان كلمات كرم قد دغدغت مشاعره الملتھبة تجاه البلد، فابتسم للتو و ٔاجابه: - عدّاك العيب يا كرم...وجھة نظر برضه!  

يتبع في الحلقة التالية من العدد القادم!