خالد منتصر يكتب: هل قتل السماك فرج فوده؟
د. خالد منتصر
قال الرب فى البدء كانت الكلمة، فقالوا فى البدء كان القتل..
قال الرب اقرأ، فقالوا اقمع واقتل واقصف قلمًا، فى السادسة والربع من مساء 8 يونيو 1992 قالوا كلمتهم ومارسوا بربريتهم وقتلوا شهيد الكلمة فرج فودة، التقرير الطبى قال إنه مات إثر نزيف فى الكبد، وكانت الحقيقة أنه نزيف فى كبد الوطن، سُئل الجانى، وكان يعمل بائع سمك، لماذا اغتلت فرج فودة؟ فرد قائلاً لأنه كافر. وسُئل من أى كتاب له عرفت أنه كافر، فقال أنا لم أقرأ كُتبه. سُئل كيف؟ رد بكل ثقة أنا لا أقرأ ولا أكتب،حاول فودة تغيير المنكر بقلمه، ورفض رضاعة لبن النفاق، وكشف المسكوت عنه فى كتب التاريخ والتراث.. كل جريمته أنه مارس حق الحلم.. فلم يحتمل طيور الظلام وتجار وسماسرة الدين هذا الحلم فقتلوه فحل الكابوس محل الحلم، واحتل الرمل والجدب أرض الطمى والخصب.
بمناسبة ذكرى اغتيال فوده الواحد والثلاثين ،كنت قد سجلت حلقة قديمة مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في برنامج " خارج النص" عن حادث الاغتيال ،وطرحت عليه هذا السؤال من الذى قتل فرج فودة؟ هل هو بائع السمك؟
أحببت أن أشارك قراء "جودنيوز" اجابته ،قال حجازي:
"بالطبع لا.. ليس السمّاك من قتل فرج فودة، وفى تصورى السمّاك مقتول هو الآخر، ضحية لمن حركه، فربما لو أدرك جرمه وأحس بأى جرح أصاب به الوطن لقتل نفسه،رأينا شيخًا من هؤلاء الشيوخ فى المحاكمة دُعىَّ للشهادة، قال إن فرج فودة يستحق القتل، والخطأ الذى ارتكبه القاتل أن جعل نفسه مكان الدولة، وكان يجب على الدولة أن تتولى قتل فرج فودة لأنه كان ينبغى أن يحاكم بتهمة الردة، وأن يموت وكل ما فى الأمر أنه مات بيد السمّاك وليس بيد عشماوى الذى كان يجب أن يشنقه".
وقدم حجازى قراءة لمشهد المحاكمة الذى رواه: "معنى ذلك أن القاتل الحقيقى ليس السمّاك، ولكن هو ذلك الفكر الذى نصّب نفسه حكمًا، وأعطى نفسه الحق فى وضع الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء، فهذا يمر، وذلك يقف، والآخر يكون بين المنزلتين.. هذه الكارثة، نحن نقرأ القرآن الكريم ونجد أنه من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وأن الذين يضعون أنفسهم فى محل المحاسب يغتصبون حق الإله،من يقرأ التاريخ يرى أنه عندما تتولى هيئة دينية تزعم لنفسها هذا الحق، وتغتصب الحكم على الضمائر ينتهى كل شىء، والعالم يصبح فى ظلام وتتخلف البشرية".
انتهى كلام الشاعر حجازي لكن هل انتهى التكفير ؟! لا أظن.