خالد منتصر يكتب: محمد صلاح وما يطلبه المستمعون
د. خالد منتصر
ما فعلناه مع محمد صلاح يلخص العقلية المصرية والعربية، ويضع أيدينا على موطن الداء ومكمن الفيروس الذي يجعلنا في قاع الأمم، والذي يدق ناقوس الخطر، أننا نحتاج إلى ثورة فكرية هائلة لتغيير نمط الفكر الهستيري الذي ننطلق منه في كل تصرفاتنا، إلى نمط التفكير العقلي المنطقي.
فابتزاز محمد صلاح والضغط عليه واتهامه بالخيانة والعمالة وشطبه من خانة الأبطال، وسحب لقب "فخر العرب" منه، وهذه الهوجة التي شيطنته فجأة لأنه لم يكتب تويتة أو بوست عما يحدث في غزة، دخل على الخط مذيعون في قنوات سعودية، ومعلقون في قنوات خليجية، الكل يذبح في صلاح!
قدم صلاح تبرعاً سخياً لضحايا غارات غزة، لم يعجب قبيلة الحنجوري، احنا عايزينك تتكلم، تعاملوا معه تعامل برنامج "ما يطلبه المستمعون"، لازم تبقى على مقاسنا وكتالوجنا والباترون اللي احنا فصلناه عليك والبرواز اللي وضعناك فيه، تكلم صلاح في فيديو متوازن، يتحدث فيه إلى المجتمع الغربي، لم يعجبهم، واستمروا في الشتيمة، مما ذكرنا بحكاية جحا وابنه والحمار، الجمهور الذي لا يعجبه العجب والذي أجبر جحا في النهاية على حمل الحمار على ظهره حتى يرضيهم.
هناك من قال ليس هذا صلاح ولكنه الذكاء الاصطناعي!، لغته الإنجليزية ضعيفة، كان بارداً، لم يقل الصهاينة، لم يشتم اليهود …الخ، انتقاد تلو انتقاد، وكأن تحرير القدس يبدأ من تويتة صلاح! بدأت الغيرة بالرغم من هذا الانتقاد، نظراً لانتشار مشاهدات الفيديو بشكل أسطوري، وخرج فنان يركب الموجة ويشخط فينا، وبعده بطل كمال أجسام يبكي لمدة ١٧ دقيقة …الخ ، للأسف نحن شعوب هستيرية، أسهل شيء عندها اغتيال أولادها ونجومها وشدهم إلى أسفل حيث القاع يسع الجميع.