احذروا .. مصر ترجع إلى الخلف؟! (2)
عودة الكتاتيب.. إضافة الدين للمجموع... تعريب الطب بمناهج الأزهر

· اضافة التربية الدينية للمجموع "رده سلفية " تفتقد للعدالة وتؤجج مشاعر الفتنة
· مظاهر التدين المبالغ فيها لم تعصم الناس من التورط فى مظاهر الفساد
تحقيق: إيهاب أدونيا
في محاولة لإصلاح نظام التعليم الأفشل في العالم، والذي خرج من قائمة التصنيف العالمي، قررت الجكزمة المصرية متمثلة في وزارة الأوقاف التي تمول ميزانيتها من ضرائب المصريين مسلمين ومسيحيين عودة الكتاتيب لتحفيظ القران الكريم و التلاوة،وعلى اثر ذلك قامت جميعيات أهلية شهيرة كانت تجم التبرعات من اجل بناء سقف او صنبور ماء .. الخ من اعمال خيرية الى توقيع برتوكولات شراكة لاستخدام تلك التبرعات في غير الأوجه التي تبرع بها المتبرعين لافتااح كتاتيب في معظم نجوع وقرى مصر و كان مصر عادت بنا مئة عام الى الوراء.
وفي ذات الوقت قرر السيد الوزير تغيير نظام الثانوية العامة المتّبع، ليكون أكثر تطورًا، وذلك بإضافة مادة التربية الدينية الى المجموع الأساسي، وذلك من خلال مقترح مقدَم الى مجلس الوزراء.
منير مجاهد: فكيف يتم المساواة بالامتحانات بين مواد مختلفة لتحقيق العدالة... المدرسة ليست مكانا للمنافسة الدينية
أعرب الدكتور محمد منير مجاهد، منسق مصريون ضد التمييز الديني، عن استياءه لما أعلنه وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إضافة التربية الدينية للمجموع لجميع الصفوف الدراسية بدءًا من الصف الأول الابتدائي، بدءًا من العام الدراسي المقبل 2025-2026.
وأكد مجاهد أن هذه الخطوة من شأنها أن تزيد التفرقة بين الطلاب، وتخلق حالة من الجدل، حيث أن المدرسة هي مكان للعلم ، وليس للمنافسة الدينية، فدور الدولة دعم العلم بمختلف المجالات، ودور الدين مسئولية المسجد أو الكنيسة او المعبد، وأن إضافة الدين للمجموعة ستزيد من معاناة الأسرة في زيادة الدروس الخصوصية، فضلا عن أساس التعليم هو المساواة، فكيف يتم المساواة بالامتحانات بين مواد مختلفة لتحقيق العدالة، فضلا عن تعدد الطوائف في الأديان لاسيما المسيحية.
وتابع أن المبرر الذى طرحة وزير التعليم ان الهدف مواجهة الإلحاد والمثلية الجنسية، غير مبرر، لان هناك نماذج كثير من الملحدين كانوا يدرسون بتعمق للأديان,
و أضاف مجاهد بأنه كان بالأولي تدريس مادة للقيم الإنسانية والأخلاقية والانتماء والمواطنة في منهج واحد، وهى قيم تجمع كل الأديان، لاسيما في سن الطفولة هو عمر نحتاج فيه لغرز قيم مشتركة بعيد عن الفرقة بين الأطفال، بالإضافة أن هناك إشكالية كبيرة تتعلق بعدم توفير مدرسين مادة الدين لاسيما المسيحية، وهل سيتم تجميع جميع الطلاب المسيحيين في فصل واحد من اجل حصة الدين، وهو ما يعود بنا للتمييز الدينى وسبق وان تم هذا الاجراء، وقدمت وزارة التعليم اعتذار وعادت لتوزيع الطلاب على الفصول، مشيرا ان هذه الخطوة تخالف الدستور ومبادئ الدولة المدنية، ولم تحدث في عهود سابقة
كمال مغيث: مظاهر التدين المبالغ فيها لم تعصم الناس من التورط فى مظاهر الفساد
من جانبه تعجب الخبير التربوي كمال مغيث قائلا: لا أعرف كيف يفكر هؤلاء الذين يسعون لكى يحيلوا حياتنا إلى جحيم، والذين يرون أن تكون مادة التربية الدينية لا مادة نجاح ورسوب فحسب، ولكن مادة درجات تضاف للمجموع الكلى للطالب. ويبررون ذلك بأن الطلاب سيهتمون بما تحتويه من قيم وأخلاق ومعاملات وسلوك ومثل وفضائل، ولا شك أنهم سيتمسكون بها جميعا، وهكذا ينصلح حالنا ونعيش فى تبات ونبات، وتختفى من حياتنا كل مظاهر الغش والرشوة والسرقة والاغتصاب والفساد الخلقى والاستبداد وغياب الضمير. وربما أيضا أصبح الناس أكثر احتراما لقيم الحق والخير والجمال والعدل، وأكثر إيمانا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ولعل الذين اقترحوا مثل هذا الاقتراح الأخير ــ قد فاتهم أن مصر قد حصلت فى أحد المقاييس على المرتبة الأولى فى سيادة مظاهر التدين، ومع ذلك فإن حالها فى مقاييس التعليم والجامعات ومظاهر العنف والتحرش والبلطجة فى الشارع لا تخفى على لبيب، ومعنى دلك أن مظاهر التدين هذه المبالغ فيها لم تعصم الناس من التورط فى مظاهر الفساد تلك.
هذا فى نفس الوقت الذى لم تثبت دراسة واحدة أيضا أن هناك علاقة موجبة بين اتجاهات الطلاب نحو الديمقراطية إذا ما درسوا جان جاك روسو وجون لوك وسعد زغلول والدستور والبرلمان والأحزاب السياسية، بل إنه حتى لم تتمكن أى مادة دراسية من الحصول على حب واحترام الطلاب والطالبات لموضوعها ومحتواها لمجرد أنها مقررة عليهم ولها درجات كبيرة فى امتحاناتهم. ولا يخفى على أحد منا مشاهد ثورة الطلاب على الكتب الدراسية بمجرد خروجهم من الامتحان، تلك الكتب التى يكون مصيرها التمزيق والرمى فى الترع وتحت عجلات السيارات، أو تأخذ طريقها إلى باعة الترمس واللب والفول السودانى فى أحسن الأحوال
وتابع مغيث: وما الحال إذا كانت الجرعات الدينية المكثفة قد أخرجت لنا من الأطباء من يدعو إلى العلاج ببول الإبل ولسعات النحل، ويزعم أن سرة البنى آدم هى «تفة إبليس»، ثم أخرجت تلك الجرعة الدينية المكثفة من الأطباء والمهندسين والمعلمين من ألفوا لنا كتب: العمدة فى إعداد العدة، وميثاق العمل الإسلامى، والفريضة الغائبة، ومعالم فى الطريق، وهى الكتب التى أحالت حياتنا جحيما فى نصف القرن الماضى وأعادتنا إلى كهوف العصور الوسطى.
إن الأصل فى الأديان جميعا أنها دعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. أما المدرسة فهى تنظيم ثقافى وسياسى حديث، لم تعرفه البشرية إلا مند ثلاثمائة سنة، على أقصى تقدير، يستهدف العلم والمواطنة، ومن هنا فقد كان الأولى أن تخضع المدرسة وهى الفرع والمستحدث لمقتضيات الدين وهو الأصل التليد الثابت، وليس العكس.
يضاف إلى هذا أننا ولأسباب عديدة تتعلق بالمدرسة كمؤسسة للقمع والقهر، اعتدنا أن يقول أبناؤنا وبناتنا أنا أكره الكيمياء أو أكره الفلسفة أو الجبر أو غيرها. ويرتبط هذا بالإجبار والعقاب والدرجات الضعيفة والفشل بشكل أو بآخر، فهل سنقبل راضين أن يقول أبناؤنا نحن نكره الدين لنفس الأسباب.
وأيضا لأسباب عديدة قبلنا كآباء طائعين أو مكرهين أن يتعاطى أبناؤنا بعض أو كل الدروس الخصوصية، فى مواد الدرجات، ونعلم يقينا أن هذه الدروس الخصوصية قد أصبحت سوقا لعشرات الممارسات، أقلها مقبول وأكثرها مرفوض ولا أخلاقى، كاستخدامها فى الضغط على التلاميذ وبيع الدرجات واستنزاف أموال الأسر وغيرها، فهل نقبل أن يكون الدين أحد عناصر تلك السويقة اللا أخلاقية.
وهل يعرف الوزير أنه ليس لدينا كلية لتخريج معلم التربية الدينية وان كان العرف قد جرى على ان يدرس خريجى أقسام اللغة العربية الدين الإسلامى فحصيلتهم من علوم الدين لا بأس بها.. فما بالنا بأنه ليس هناك كلية ولا معهد لتخريج معلم التربية المسيحية
وإذا كان الأقباط الإنجيليين والكاثوليك قد قبلوا مادة تربية دينية وسط لا تثير مشاكل اعتقادية فهل سيقبلون هذا فى ظل امتحانات ودرجات عالية
وما الحال لو قام احد المتطرفين برفع قضايا يتهم فيها الراسبين فى التربية الدينية بالمروق والزندقة
سعاد صالح: اقترح منهج دين موحد للمسلمين والمسيحين تجمع القيم الدينية المشتركة
اقترحت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، منهج دين موحد للإسلام والمسيحية لمادة التربية الدينية بعد قرار وزارة التربية والتعليم بإضافة الدين للمجموع بجميع الصفوف من العام الدراسي المقبل.
وأيدت صالح، قرار وزارة التربية والتعليم بإضافة الدين للمجموع بجميع الصفوف من العام الدراسي المقبل.
وقالت إن قرار إضافة مادة الدين للمجموع عودة للشباب في الأخلاق سواء الدين المسيحي أو الدين الإسلامي وتحسين لهم للانحرافات التي قد يتعرضون لها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضحت أن البعض يخشى أن يحدث هذا القرار «فتنة»، ولذلك اقترحت وضعت منهج معتدل يجمع بين القيم والمبادئ التي تشترك فيها الديانات، بعيدًا عن التعصب لأي ديانة.
محمود اباظة: عودة الكتاتيب.. ارتدادًا إلى ماض تولى وخروجًا صارخًا على تصور المستقبل الذى تبشر به الجمهورية الجديدة
من جانبه عقب الكاتب المصري و الرئيس الأسبق لحزب الطن على عودة الكتاتيب بمثابة إعادة الماضى الذى تولى هو تعلق بمستحيل أو إذا شئت قل انفصالا عن الواقع وانحرافا عن سنة الحياة يستلزم التنبيه بل التقويم.
وتعجب من موقف الحكومة التى تنجرف وراء هذا الخطاب الأجوف وتسمح لوزارة الأوقاف بالبدء فى تنفيذ هذا المشروع الذى لا يمكن إلا أن يكون ارتدادًا إلى ماض تولى وخروجًا صارخًا على تصور المستقبل الذى تبشر به الجمهورية الجديدة.
وتساءل وهل قراءة القرآن الكريم من حيث مبناه ومعناه هى أفضل الخيارات لتعليم الطفل القراءة أم أن الأفضل انتظار نمو القدرات الذهنية للطفل حتى يتمكن من إدراك معانيه، إلا إذا كان المقصود هو إعادة أجيالنا الجديدة إلى أسلوب الحفظ والتلقين الذى كان سائدًا فى العصور الوسطى وحتى ظهور المدارس الأميرية، أى الحديثة فى القرن التاسع عشر والتى كانت أساس النهضة الشاملة التى عرفتها مصر فى السنوات الستين الأولى من القرن الماضى. إنه أسلوب تجاوزه الزمن وما زلنا نشكو من آثاره الضارة فى بعض مناهج التعليم الوطنى حتى اليوم؟!.
وهل الوعاظ الذين تعدهم وزارة الأوقاف وتوظفهم جديرون بأن ندفع بأبنائنا إليهم فى هذه السن المبكرة؟. ولو كان ذلك كذلك لما بُحَّ صوت كبار المسؤولين فى طلب تجديد الخطاب الدينى.
ولعل وزارة الأوقاف اجتهدت فى إيجاد حلول لهذه المشكلة ومنها عودة الكتاتيب وواجب حكومتنا ببساطة أن توجه هؤلاء إلى حلول أخرى حرصًا على مستقبل التعليم فى هذا الوطن وهو بحاجة ملحة إلى إصلاح وليس بحاجة الى كتاتيب.
سامح إسماعيل: "الكتاتيب" كانت الحديقة الخلفية لجماعة الإخوان... وهو نظام فاسد تعليمياً وأخلاقياً
من جانبه عدد الباحث في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ الدكتور سامح إسماعيل سلبيات فكرة الكتاتيب واستغلالها من قبل جماعة الإخوان المسلمين إلى الواجهة، في ظل عودتها بقوة في الكثير من المناطق المصرية.
وقال إسماعيل إنّ فكرة "الكتاتيب" كانت الحديقة الخلفية لجماعة الإخوان، وكان المعلم هو الرجل الذي يجلس يحفظ الأطفال القرآن بأساليب بدائية، مشدداً على أنّ الكتاتيب نظام فاسد تعليمياً وأخلاقياً.
وأوضح أنّ الحفظ والتلقين مرتبط بثقافة التعليم النقلي وقتل ملكات الفكر النقدي، والكُتّاب يعمل على قتل العقل النقدي للطفل في مراحله الأولى، ويعتمد على الحفظ والتعليم بوسائل غير تربوية قائمة على الحفظ والتلقين في المقام الأول، مؤكداً أنّ فكرة عودة الكتاتيب نفسها في عصر ما بعد الحداثة أمر مثير للاستغراب، وأنّ عملية التعليم ينبغي أن تخضع لرقابة الدولة.