A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

هل حقا الكتاب المقدس موحي به من الله؟

رن جرس التليفون فوجدت أحد الأصدقاء يدعوني لمقابلته بخصوص أمر هام. فذهبت لمقابلته في الميعاد والمكان المتفق عليه. صديقي رجلا مثقفا يبحث في امور كثيرة عاملا العقل والمنطق. قمنا بإحتساء القهوة سويا وهنا بادرني صديقي بهدف المقابلة. فهو يفكر في موضوع مهم يشغله كثيرا، وهنا بادرني بالسؤال الذي يشغله مقدما اعتذارا مسبقا حيث اعتقد انه سؤاله قد يجرحني او يضايقني. سألني صديقي: هل يمكن الوثوق بالكتاب المقدس فهو يشك انه غير موحي به من الله بل هو نتاج اناس طبيعيين وانه لا يمكن مقارنة قدسية ما يقوله الله بقدسية ما يقوله البشر؟

فرحت جدا بسؤال صديقي بل شكرته أيضا، فما أروع وما أحلي أن أتحدث عن كلمة الله. لذلك كانت هذه اجابتي

في البداية أود أن أوضح إن وجود الكتاب المقدس ليس هذا نتاج حدث قد تم في الماضي كنزول الكتاب أو حتى تأليف الكتاب كباقي الكتب الأخرى. بل ان الكتاب المقدس مر بعدة خطوات لكي يكتب سأقوم بشرحها الآن.

أولا: خطوة التكشف

فالله غير المحدود يعلن عن ذاته للإنسان المحدود. وبما ان الله غير محدود وهو ماليء الكل فهو في طبيعته طبيعة ديناميكية اى متحركة، بعكس الإنسان الثابت الاستاتيكي الحركة الذي لا يستطيع أن يتحرك ليكتشف الله. فالله يتحرك ناحية الإنسان كاشفا ذاته له. كذلك الله كائن عاقل علاقاتي يتواصل مع الإنسان. وهو يحب الإنسان ويسعي دائما لكي يتواصل معه. فيقوم الله بالتكشف العام لكل انسان كما يحدث في الطبيعة، التاريخ، الخليقة، ..... كذلك يقوم الله بالكشف عن ذاته من خلال التكشف الخاص لأناس قد أعلن لهم الله عن ذاته من خلال رؤي أو أحلام أو حتى من خلال صوتا حرفيا مكلما الله للإنسان. هذا التكشف الخاص هو عن طريق استقبال معجزي وعمل فائق للطبيعة. هذا التكشف الخاص للإنسان يتم نقله إلى الورق فتبدأ عملية كتابة الكتاب. إذا الخطوة الأولي في كتابة الكتاب المقدس هي التكشف.

ثانيا: تأتي خطوة الكتابة

إنني لا أرحب بكلمة الوحي فهي لاتشرح بدقة ما يحدث. فإن كان الله يبدأ بالكشف عن ذاته بتكشف خاص لبعض الأشخاص وإن كان الله هو المبادر لهذا الكشف لكي تبدأ الكتابة، فليس من الطبيعي ان يترك الله الكتابة دون تدخل منه. فيتدخل الله بروحه العامل في هؤلاء الأشخاص لكي يستطيعوا الكتابة ولكي يقود الله الكتابة.

لذلك كلمة الوحي كلمة غير دقيقة. فكتابة الكتاب المقدس كانت من خلال الروح القدس اي روح الله فحينما يتكشف الله للإنسان، فيكتب الإنسان ما قد كشفه الروح. فالروح القدس لا يملي الانسان كلمات ليكتبها بل يسوق اناس الله لكتابة الكتاب المقدس حاملا إياهم مثلما عبر يوما ما بولس الرسول حينما قال سلمنا فصرنا نحمل. ان الروح القدس يحمل الكاتب هكذا لكي يكتب محترما جدا ومحتفظا بشخصية الكاتب. فالروح القدس هو المشرف لهذا العمل الالهي والإنساني الفائق للطبيعة.

الروح القدس في تقديرله فائق الوصف للإنسان لا يملي علي الكاتب اسلوبا معينا. بل نري ان شخصية الكاتب تظهر من خلال الكتابة. فمعلمنا لوقا الطبيب يكتب انجيله ساردا احداثه بتفصيلا دقيقا مما يظهر تأثير عمله كطبيب، شارحا إنجيله بلغة يفهمها الحكماء والمثققفين اليونانيين مما جعله يكثر ايضا من استخدام الأمثال. يختلف لوقا عن مرقس الذي أكثر من استخدام المعجزات في انجيله. ايضا بولس الفيلسوف الذي استخدم اسلوبا مختلفا عن الاناجيل الاربعة ولعل استخدام بولس الرسول للكثير من الجمل الإعتراضية في رسائله واختلافه في اسلوب الكتابة عن يعقوب او بطرس يدل أيضا على اختلاف شخصياتهم واحترام الروح القدس لإنسانيتهم. فالروح القدس يحمل ويقود ويسوق الإنسان لا واضعا أو راغما له على أسلوب واحد. فإن كانوا هم اشخاص طبيعيين ولكنهم مسوقين من خلال الروح القدس. فقدسية كلامهم نابعة من قدسية كلام الله الناطق فيهم.

أخيرا، إن الروح القدس اي روح الله هو الذي يفحص اعماق الله فيحمل للكاتب ما في أعماق الله، فيكتب الإنسان تحت إشراف روح الله على كلمته حتى تصل الكلمة إلى قلب وعقل كل من يقرأها.

عزيزي القاريء ان اعمال العقل في الإيمان هو قمة المنطق. فلنسأل ونبحث ونعرف ونتعلم ولا نكتفي بنظرية التلقين الروحي او اللهث وراء الأعاجيب او المعجزات وثق عزيزي أن الإيمان الحقيقي المبني على صخرة يسوع الكلمة المتجسد المستعلن في الكلمة المكتوبة هو قادر أن يرد على جميع تساؤلات العقل.

المراجع:

"الألم معبرنا إلى المجد" الأب متي المسكين

"لاهوت الكتاب المقدس" د. ماهر صموئيل