A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دردشة…بالعربي الفصيح:

شد العمة شد…!

كتب الشاعر إيليا أبي ماضي قصيدة بعنوان "قصة الحجر الصغير" وهي تحكي عن سد كبير يحمي مدينة هادئة سالمة، وكان بهذا السد حجر صغير يشكو حظه ومعاناته وصغر نفسه ودوره المفقود في بنيان هذا السد؛ ومن شدة يأسه ألقى هذا الحجر بنفسه فانهار السد كله في التو وغرقت المدينة الهادئة الآمنة!!! والعبرة هي أن كل إنسان منا له دور مميز ومصيري مهما كان صغره! وجدير بالذكر ايضاً أنه لربما شكل وحجم ذلك الحجر الصغير كانا مميزين جداً ليمنعا الماء من التسرب خلال مسام السد، وبالتالي أي بديل سريع آخر له لن يحمل هذه الصفات ذاتها، فسينتهي الحال كذلك بطوفان عظيم!

وهنا أمامنا حقيقتان: الأولى هي أن كل منا فريد وفعال فيما يصنع، والثانية هي أنه لا يمكن لأي شخص أن يؤدي مهام غيره بنفس الكفاءة!

تلك الحقيقة الأخيرة غير مستوعبة تماماً عند الشعوب العربية، بل هناك اعتقاد خاطئ أنه بإمكان أي شخص أن يقوم بأي مهمة تقدم له، وبالتالي نستبدل على الدوام قبعات البعض بقبعات البعض الآخر…بالبلدي "بنلبس طاقية دا لدا!" وهذا المبدأ في جوهره يعود إلى فكرة "سد الخانة" حتى تستمر العجلة في الدوران، وهو مع الأسف مبدأ غير سوي إطلاقاً! ولكنه يتَّبع في كل مصالح الدولة والمؤسسات والكنائس ايضاً، رغم أنه مبدأ غير كتابي (راجع كورنثوس الأولى الاصحاح ١٢)!

ولهذا السبب نرى حكومات تفشل، وتستبدل بأفشل منها! وخدمات كنسية تسقط، ولا تستبدل بأفضل منها! ومشاريع تتعطل ولا تكتمل! لأن الفكر السائد هو أن الأولوية أن تسير القافلة، مهما عوت الكلاب! حتى وان كانت تلك "الكلاب" تنوه عن خطر محتوم! فنحن لا نستثمر بعض الوقت لإيجاد الأشخاص المناسبين لسد فجوة ما، ونظن أن أي تعطيل ولو بسيط سوف يعطل مسيرة العمل، مع أن أننا دائماً نردد باطلاً أنه "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة"! لكن في الواقع نحن نفضل العجلة، فنقامر هباءً على السلامة، ونجني في النهاية الندامة!!

لكن لماذا نسيء الاختيار؟! قد يكون بسبب جهل وعدم رؤية؛ ومرات أخرى يكون اختيارنا السيء متعمداً مع سبق الإصرار والترصد لمجرد توفر الطاعة العمياء! فبعض الرؤساء والقادة مع الأسف يطلبون الطاعة العمياء حتى ينفذون من خلالها خططهم السرية ونواياهم الخبيثة، ظانين أنه بذلك يُحقَّق النجاح، لكن هيهات! فنسمع مصطلحات وعبارات مثل: دا حمار شغل، أو ماشي على قال الله وقال الرسول، ولا تجادل ولا تناقش، وابن الطاعة تحل عليه البركة، وكلها عبارات تحولت إلى مسلمات تستخدم لمنع الناس من استخدام العقل!

وأما بالنسبة للاختيارات الناتجة عن الجهل وانعدام الرؤية، فهي أيضا شائعة جداً في مجتمعاتنا؛ فالشخص عديم الرؤية دائماً ينظر إلى العالم من خلال عدسات وردية قادرة أن تستنسخ من أي فرد، آلاف من الأفراد للقيام بنفس المهام؛ لكن في الواقع لا يمكن لشخص أن يكون نسخة ممن قبله، قد يكون أحسن وقد يكون أقل كفاءة!! وأغلب الظن أننا نختار الأقل كفاءة!! ونتقاعس أيضا في توفير التدريب اللازم لذلك الشخص حتى نعده لدوره الجديد، ظانين أنه سيكتسب المهارة مع الوقت! ويمر الوقت ولا نلاحظ أية مهارة مكتسبة على الإطلاق! ولهذا السبب فالرؤية مهمة جداً، وانعدامها قد يسبب خللاً في المنظومة…مرتين! فإن إنتشلتُ شخصاً من مكانه الحالي، ليحل محل شخص آخر في مكان آخر، وكان اختياري اختياراً أهوجاً مبنياً على من هو متاح ومتوفر، فلن يبدع هذا الشخص في مهامه الجديدة، وسيبقى مكانه الأول أيضا مفتقراً لهذه الكفاءة، وهكذا تأثرت المنظومة مرتين!

تخيلوا إن قام أحد رجال الأعمال بتعيين اللاعب العالمي محمد صلاح كطباخ في مطعمه بهدف الدعاية وازدياد الإيرادات؛ وبالفعل زادت الإيرادات لفترة محدودة جداً، لكن مع الوقت فشل المطعم، لان صلاح ليس بطباخ بل هو لاعب كرة محترف فقط! فخسر المطعم وخسرت الملاعب موهبة جميلة مثل محمد صلاح!

وبالإضافة إلى ما تقدم، لا يسلم الأمر من تعريض أولئك الأشخاص الأكفاء للإهانة الشديدة؛ بل وتهان المنظومة كلها وصاحبها أيضا بالتبعية! وعلى سبيل المثال السابق، سيهان محمد صلاح كطباخ لأنه لا يحترف الطهي، وستهان سمعة المطعم وصاحبه. في حين أن تُرك كل واحد في مكانه واخترنا بعناية من يقوم بالمهام الخالية اعتماداً على كفاءاتهم، فبكل تأكيد ستنجح المنظومة وتزدهر! الاعتماد على بركة الله فقط متجاهلين دور الإنسان في التخطيط وإمعان النظر هو في الأصل تواكل صريح، بل وضد تعاليم الله نفسه ويفتقر لأي مصدر كتابي أو اجتماعي أو سياسي يدعمه! فحتماً ولابد من وجود رؤية وبعد نظر في كل قرار نتخذه، وبركة الله هي التي ستكمل قصور تلك الرؤية! لكن إن لم يعمل الإنسان، لن يتدخل الله، وسيحصد المجتمع كله نتيجة هذا الإهمال