A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

قمة الدول السبع في إيطاليا..... وصعود لتيارات اليمين الشعبوي

شهدت إيطاليا خلال منتصف شهر يونيو الجاري، على مدار 3 أيام، قمة مجموعة السبع الصناعية الكبرى، والتي تمثل مجلس إدارة النظام العالمي السياسي والاقتصادي، ولم يتخلف عن المشاركة إلا روسيا الاتحادية، بسبب الحرب مع أوكرانيا. كانت جدول أعمال القمة غارق كالمعتاد في عدد من القضايا الدولية والإقليمية التي تمثل تحديات كبيرة، لم يتم التوصل إلى حلول حتى الآن بشأن.

كانت هذه القمة، هي الأولي بالنسبة لرئيسة وزراء إيطاليا اليمينية المحافظة، جورجيا ميلوني، والتي كانت لديها أولويات من هذه القمة، يأتي في مقدمتها الهجرة والتعاون مع الدول المصدرة للمهاجرين وخاصة أفريقيا، ووضع حد لتداعيات الحرب الضروس بين أوكرانيا وروسيا الاتحادية.

والدول السبع الصناعية الكبرى، التي شاركت في القمة، هي: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان وفرنسا وبريطانيا العظمى وألمانيا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. وجاءت القمة بعد التعافي النسبي من جائحة كورونا، لكن تداعياتها مع الحرب الروسية الأوكرانية، وخاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم في الأسواق العالمية، لا يزال يهتمن على اهتمامات المواطن العادي في دول الشمال والجنوب على حد سواء، وهو ما يؤثر بالسلب التام علي شعبية الكثير من الحكومات الليبرالية في الغرب، الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية، وهو ما يفسر في جزء منه الصعود النسبي لليمين المحافظ في أوروبا وأمريكا الشمالية.

  • صعود تيارات اليمين المحافظ الشعبوي

فبعد إيطاليا، فوز اليمين المحافظ وتشكيل الحكومة، بواسطة جورجيا ميلوني. جاء الدور على فرنسا، إذ أنه بعد الفوز التاريخي، الذي حققه حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا بأكثر من 31% في الانتخابات الأوروبية، التي أجريت في 9 يونيو 2024، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية بموجب المادة 12 من الدستور، ودعا لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة يومي 30 يونيو و7 يوليو القادم، لاختيار النواب الذين سيشغلون مقاعدها الـ577. وأمام الأحزاب السياسية ثلاثة أسابيع للقيام بحملاتها الانتخابية واتخاذ قرار بشأن التحالفات المحتملة. وهناك مخاوف من فوز اليمين المتطرف بقيادة ماري لوبن بالأغلبية وتشكيل الحكومة، كما كان الحال في إيطاليا، خاصة وأنه معروف تاريخيا أن إيطاليا وفرنسا يشكلان جوهر اليسار في أوروبا.

والواقع يكشف أن العديد من الدول الغربية، يواجه فيها اليسار الليبرالي الحاكم تحديات ومشاكل جمة، وانخفاض تاريخي في شعبية الحكومات، بسبب حالة ارتفاع الأسعار والتضخم، وفشل الحكومات في علاج ملفات عديدة في مقدمتها التضخم، لدرجة أن الحكومة نفسها قامت بفرض زيادات علي الضرائب وأسعار العديد من الخدمات، في الوقت الذي ترفض فيه زيادة المرتبات للعاملين في القطاعات المختلفة الحكومية والقطاع الخاص، وهو ما يسبب استياء لدي المواطن العادي، وانخفاض تاريخي لشعبية هذه الحكومات المنتمية لتيارات يسار أو يسار الوسط. كما هو الحال في كندا، والولايات المتحدة، وألمانيا، حيث تعرض المستشار الألماني أولاف شولتس لهزيمة خطيرة لائتلافه الحاكم المكون من حزبه الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبراليين في الانتخابات الأوروبية. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للحكومة البريطانية، حيث من المرجح أن يقوم رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك يخسر الانتخابات لمصلحة حزب العمال بعد انتخابات 4 يوليو القادم.

  • الحرب الروسية الأوكرانية والمخاوف الغربية

يعتبر عدد من المحللين أن فوز اليمينية المحافظة جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا الشعبوية، نقطة التحول التاريخية في صعود اليمين المحافظ، ليس في دول الاتحاد الأوروبي فحسب، بل وفي العالم الغربي كله.

كانت قضايا دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ومدها بما تحتاج إليه من سلاح ومال، في مقدمة قضايا القمة، لذا لم يكن مستغربا مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في القمة. وتعهدت الدول المشاركة، وفي المقدمة المستشار أولاف شولتس بالفعل بالعمل على شراء المزيد من منظومات الدفاع الجوي من دول مجموعة السبع وخارجها، ومد أوكرانيا بها. لكن دول المجموعة لا تزال مختلفة بشأن إرسال جنود إلى أوكرانيا، لأن هذا يعني إعلان حرب رسميا على روسيا الاتحادية، مما يمثل شرارة محتملة لإطلاق حرب عالمية جديدة، العالم في غني عنها.

  • "ماما أفريقيا": نصيب الأسد في الاهتمام من أجل السيطرة على الهجرة

حظيت أفريقيا كذلك بنصيب كبير من مناقشات القمة، لاعتبارات كثيرة يأتي في مقدمتها، أن أفريقيا هي المصدر الرئيسي لموجات الهجرة إلى أوروبا والغرب، ولذا كانت مشاركة العديد من الرؤساء الأفارقة في القمة، فضلا عن موارد أفريقيا الغنية الطبيعية، والتي تعد مصدر مهما لاستمرار تقدم ونهضة الغرب صناعيا واقتصاديا. وتعمل مجموعة الدول السبع الصناعية على إقناع أفريقيا بعدد من الخطط المشتركة من بينها: التركيز على تعاون أفضل مع إفريقيا في مجال المواد الخام وإمدادات الطاقة وسلاسل التوريد ومواجهة الهجرة. ولهذا كانت هناك بالفعل العديد من المبادرات الإفريقية من هذا النوع داخل مجموعة السبع. وما كان مفقوداً هو الالتزامات المالية الملموسة والتعاون على قدم المساواة. وبالاستعانة بثلاثة في المئة فقط من إنفاقها الدفاعي السنوي، تستطيع دول مجموعة السبع أن تكافح الجوع في إفريقيا بفعالية كبيرة، وتساهم في حل العديد من المشاكل الأفريقية، بحيث تكون علاقة الشراكة مع أفريقيا، ذات منافع متبادلة للطرفين.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يفرض قيودا على الهجرة، ويحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاقيات للسيطرة على الهجرة مع ليبيا وتونس والأردن ومصر من أجل وقف اللاجئين والمهاجرين في بلدان العبور هذه قدر الإمكان. وتنتقد منظمات الإغاثة هذا التوجه، إذ ترى أن أوروبا تريد التنصل من مسؤوليتها الإنسانية والدولية، خاصة وأن العديد من الدول الأوروبية أغلقت حدودها في وجه المهاجرين.

  • قضايا أخرى متنوعة على جدول أعمال القمة

كما تناولت القمة عدد من القضايا الأقل أهمية من منطلق مصالحها، من بينها وقف إطلاق النار في غزة، كنوع من الصورة الجمالية، ولكنهم عمليا غير مخلصين في نواياهم لأن الحرب في غزة لا تضر مصالحهم أو شعوبهم أو دولهم مباشرة، على الرغم من حق الشعب الفلسطيني في الحياة والعيش في سلام وفي ظروف آدمية إنسانية.

وتبقي هذه الدورة كبقية الدورات، لمجموعة الدول السبع الصناعية العظمي، تحظي باهتمام إعلامي عالمي، ولكن مع الوقت تتبخر نتائج واجتماعات القمة، بحيث تكون فعالية القرارات أكثر عندما تكون متخذة على مستوى ثنائي بين الدول، وليس على مستوى عام. ولننتظر ونراقب تطورات الأحداث.