لماذا نسِيَت المرأة قيمتها؟!
بعد سنين من الحدود والقيود الواضِحة في القدرة على التواصُل بين الرجُل والمرأة؛ ذابت تلكَ القيود فجأةً حين وجد كُل منهما نفسهُ أمام حُرية التواصُل غير المحدود عبر الوسائط الإلكترونيَّة دون رقيب غير الخالِق.. وبما أن الجوع للاهتمام العاطفي حقيقة مُتجذرة في وجدان الجنسين يُطالب بها القلب مثلما الجوع للغذاء حقيقة لا تكف المعِدة عن الصُّراخ مُطالبة بإشباعِه؛ ليسَ عجيبًا انخراط ملايين البشر في علاقاتٍ عبثيَّة بعيدة عن أبسَط حسابات العقل عبر تِلكَ الوسائط التي يعتبرها البعض "غير مُكلِفة" ماديًا ولا مُجتمعيًا كاللقاءات الجادَّة المُباشِرة، لكن غير المقبول على كرامة المرأة – بوجهٍ خاص- أن تتدحرَج في هاوية التنازُل عن تلك الكرامة إلى درجة مُطاردة رجُل أعلَنَ عن عدم رغبتهِ بوجودها في حياته!
قبل فترة استضاف برنامج "أحمر بالخط العريض" من تقديم الإعلامي اللبناني "مالِك مكتبي" سيّدة من إحدى بلاد المغرب العربي تحكي قصتها بينما الدموع تُبلل خديها قائلة: "أعطاني بلوك على الماسنجر وعلى الواتس آب وعلى الإيمو، قال لي اتركيني خلاص خلينا نترك بعض وعيشي حياة سعيدة، لكن أنا ما استسلمت، أنا ركضت وراه وجيته إلى بيته!..."، وقبلها استضاف برنامج "هي وبس" من تقديم نجمة الإعلام المصري "رضوى الشربيني" صانع المحتوى الشهير بخفة دمه وروحه الكوميدية العالية "وليد صبري" في فقرة "اسأل رضوى"؛ وكان من الأسئلة اللافتة التي وصلتهما سؤال سيدة تحكي مُشكلتها بقولها: "أنا بموت يا رضوى وتعبانة جدًا، أنا بحب شخص وروحي متعلَّقة بيه زي الأكسجين، وهو بيموت فيَّا بس مش بيبطَّل شتيمة فيَّا ولا في أهلي، ومخلّي كرامتي في الأرض، وأمُّه بتقول له: ابعد عنها يا ابني دي مش مريَّحاك.. ومش عاوزني أنزل لدراستي خالِص عشان بيقول إنّه بيغير، ومزهَّقني بتحكُّماته يا رضوى، أنا عازة أنتحر من اللي بيعملُه، صعب أوي في طبعُه وحاجة خَنقَة أوي، بس ما بقدرش أبعِد!"، فجاء الرد من وليد صبري منطقيًا بقوله: "أنا مش فاهِم؛ الراجِل عمل كُل حاجة: شتمها، شتَم أهلَها، خلّى كرامتها في الأرض، يعمل إيه تاني؟!".. بعدها بفترة وصلَت رِسالة من إحدى مُتابِعات الحساب الفُكاهي لوليد صبري تسأله بشأن الرجُل الذي كان حبيبها: "خرَّجني من حياته بدون سبب، ولمَّا سألتُه قال لي: ما فيش حاجة، وأخته صاحبتي قالت لي إنه ما ارتبطش.. ده إيه"، فما كان منه إلا أن أجاب بعفويته وسُرعة بديهته المُعتادة: "عادي، ده راح ومش عايزك في حياته، هو لازم لمَّا اطرُدِك من حياتي أكون ارتبطت؟ عادي.. واحد مش شايفِك مُناسبة ليه، ما نتقبَّل يا جماعة الرفض، ما نتقبَّل فكرة إن شخص مش عايزني في حياته فيغور وأشوف شخص عايزني في حياته.. في داهيَة، نمشي بمبدأ (في داهية) الفترة الجايَّة".
التعلُّق المرضي المُبالغ فيه من بعض النساء في الرجُل الذي تعتبره كونها الوحيد، ونجمة حياتها الفريدة، وآخر حبَّة في الوجود، وعدم قُدرتهن على استيعاب أن هذا العالم مليء برجال آخرين ربما يكونون أكثر قُدرة على إسعادهن والاهتمام بهن من ذاك الذي تخلَّى عنهُن تجعلهن يفقدن أنفسهن شيئًا فشيئًا في محاولة استرداد المُغادِر بدل الاستعداد لقادم آخر أفضَل.. صدقيني يا عزيزتي؛ إذا اختار أحدهم المُغادرة بملء إرادته فلن يعود مهما تفعلين، وإذا تصرَّف أحدهم تصرُّفات مؤذية على أمل أن تُبادري أنتِ بتركِه فبادري ولا تُصعّبي عليه المهمَّة إلى أن يتعمد الإيغال في إذلالك أكثر.. كوني مُعززة مُكرَّمة عند نفسك لتجدي من يُعاملك بالمثل حقًا.