A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دردشة…بالعربي الفصيح:

كما تتفاقم الأخطاء…كذلك أيضا تتوفر الفرص!

شاب في مقتبل العمر، بلا خبرة في القيادة، كلف بأن يخلف بالوراثة أبيه القائد؛ والتف حوله الشعب بمحبة؛ وبعشم رقيق، طلبوا منه طلباً بسيطاً لن يؤثر في سلطته وصلاحياته إن قام بتنفيذه، لكن بالنسبة لهم فكان يعني الكثير؛ أما هو فطلب بعض الوقت ليعود إليهم، فاستشار ذوي الخبرة وأولي الأمر فنصحوه بأن يسمع لهم وبهذا يستثمر في حبهم له؛ وفي الوقت نفسه ذهب واستشار أصدقائه وأترابه، فحذروه ألا ينصاع لمطالبهم وإلا سيخسر هيبته وسلطانه! وبسبب حبه الأقوى للنفوذ والسلطة، سمع لأصدقائه ورفض تنفيذ مطلب شعبه وكانت النتيجة هي انقسام هذا الشعب!

نقرأ هذا من الكتاب المقدس في ملوك الأول الإصحاح ١١: ٤٣ و١٢: ١- ١٩، وهي قصة الملك الساذج رحبعام ابن الملك سليمان الذي سمح بغبائه وطمعه انقسام شعبه إلى مملكتين: شمالية وجنوبية! وعلى الرغم من أن (يربعام) هو من قاد الانقسام وملك على المملكة الشمالية، وهو أيضاً أول من وصم بعدها بجعل إسرائيل يخطئ حين أمر مملكته الشمالية بعبادة الأوثان خوفاً من صعودهم إلى أورشليم، إلا أننا نتناسى أن من أدى أولا إلى هذا الانقسام هو الملك رحبعام ومن ثم هو أول من هيأ الفرصة لإسرائيل أن يخطيء! ولكننا، مع الأسف، لم نلتفت بتدقيق لرحبعام كما التهينا بتمرد يربعام لأن الفطرة علمتنا أن من أخطأ أخيراً، أخطأ كثيراً!

ونرى في هذه القصة العديد من الأخطاء التي ارتكبت؛ أولها هو تكليف أشخاص ليسوا على مستوى من الكفاءة بأدوار أكبر من إمكانياتهم؛ فرحبعام لم يحمل أية مؤهلات لتنصيبه ملكاً غير عامل التوريث، ومع هذا أحيط بكمية من الحب والتعضيد والثقة من الشعب! أيضاً لجوء رحبعام لأصدقائه وهم غير مؤهلين للمشورة تسبب في تعرضه لضغوطٍ نفسية مغرضة ساعدت في طرح خيار أهوج تنقصه الحكمة على مائدة قراراته! ثانياً، من الواضح أن رحبعام لم يفهم أو يكترث كثيراً لمضمون مطلب الشعب، بل كل ما اهتمّ به فقط هو مظهره وسلطته، وإلا ما كان قد ترنح بين ما قاله هذا وذاك؟ ثالثاً، إنصات رحبعام لمن هم بلا فكر ولا رؤية وتفضيله العناد مع شعبه دل على كبريائه الناتج من صغر نفسه وعدم نضجه كملك!

ومع هذا كان لدى رحبعام عدة فرص اختار أن يتجاهلها جميعاً؛ أولهم أن الشعب قد التف حوله وتحمس له والتمس فيه الرحمة، فكان ينبغي عليه إذن أن يستثمر في هذا الحب؛ ثانياً، كان محاطاً بمجموعة من المستشارين المحنكين الحكماء، والذين شاروا عليه بما يجب فعله؛ لو كان استغل فرصه هذا الحب والثقة ونفذ لشعبه مطلبهم البسيط كما شار عليه شيوخه، لما انقسمت المملكة وظل إسرائيل كياناً واحداً. كذلك، كان لا يزال عنده فرصة الاختيار السليم بعد أن سمع آراء كل من مستشاريه وأصدقائه، والتي للأسف أضاعها هي الأخرى بسبب انعدام رؤيته وضعفه القيادي!

لو كان قد قدم رحبعام محبةً، لحصد طاعة حقيقية نابعة عن محبة صادقة؛ لكن بسبب انه فرض القمع طمعاً في الطاعة، لم يجنِ غير الانقسام. فبات الغبي رحبعام في مرارة طوال حياته، أثرت على أدائه كملك بكل تأكيد؛ بالإضافة إلى قلبه غير النقي الذي أدى به أن يعمل الشر في عيني الرب فاحتسب في النهاية من الأشرار، مثله مثل يربعام…الذي جعل إسرائيل يخطئ!

نتمنى أن نأخذ من هذه القصة الجميلة (المخزية) عبرة نستفيد منها في تعليم أولادنا ما لا ينبغي فعله كقادة؛ ولنحذرهم من القراءة بلا استيعاب، والبصيرة دون رؤية، والقيادة بغير إرشاد. ويحتم علينا أيضا لفت نظرهم لحقيقة مهمة: أنه لا عذر لنا، فمهما تفاقمت الأخطاء، توفرت أيضاً فرص تصحيح المسار؛ فوجب علينا اليقظة المستمرة وطلب إرشادات السماء بلا انقطاع.