سمع هُس!!
ليه رفضوا حمص وحلاوة التضحية بمجرد لحن من أجل الوطن؟ بل ليه اصلا العناد والتشبث حتى الموت بلحن ركيك لأغنية تافهة المفردات "فئوية"، لزوج وزوجة من فنانين الترسو، ومطربي السيرك وكباريهات الدرجة التالتة، وحفلات الزفاف والحنة والطهور بالعشوائيات والحواري والأزقة؟ ما يحمدوا ربنا إن أغنيتهم العبيطة الخالية من المضمون، تلقفها غندور بيه، وبدل كلماتها المبتذلة لتصبح أوبريت وطني حماسي، يشرح معاني الانتماء والسمو والمجد.. مشاعر العزة بالماضي العريق، والفخر بحاضر مشرف، والتفاؤل بمستقبل مشرق!!
ازاي اتجرأ جوز الصعاليك دول، على مقاومة الفنان الوطني غندور بعد ما هندل وعدل، وأزال من الأغنية المسفة الرديئة بتاعتهم كل ما علق بلحنها من شوائب وقاذورات، ليخرج بمنتج فني نهائي، يلهب حماسة الجماهير الغفيرة ويشعل نار الانتماء والوطنية داخل الصدور!!
مش عايز أظلمهم وأقسو في حكمي عليهم بزيادة، واتهمهم بانعدام الانتماء والاستعداد للتضحية من أجل الوطن.. اللي هو في رواية أخرى "أم" .. عشان لقب الأب جرى العرف أنه يبقى لقب الزعيم .. لكني اتهم الجهل اللي عشش جواهم، وغياب الوعي اللي خلى وطنيتهم بعافية شوية، لدرجة التمسك بأغنية بتقول: "انا حمص وحلاوة، آخر عفرتة كلي شقاوة"، ومقاومة من سرقها!!! عفوا "اقتبس" لحنها وغير الكوبليه ليصبح: " أنا وطني بانشد وبطنطن، واتباهى بمجدك يا وطنطن" ..
تغيير جذري للأفضل والأرقى، والأشمل والأعم.. ثم ايه "زوجوجتي" دي؟؟ إن كانت حجة حمص كون الأغنية ملكه بأنه حر يدلع مراته.. فكل التحية لغندور بيه اللي اخد الدلع لمستوى اكبر فقرر يدلع الوطن ويخليه " وطنطن" .. هو ده الفرق الجوهري بين حمص والغندور ..
حمص وحلاوة تمسكوا بمصلحتهم الشخصية الضيقة، وانغلقوا على نفسهم، وقرروا يرفضوا حتى عرض الراجل الوطني الأصيل بالتنازل عنها بشوية فلوس، مقابل أنهم يسيبوا الناس تغني، أو ترقص عشرة بلدي حتى، المهم إن كله يبقى في حب الوطن.. حتى لو كانت أغنية غندور لا تقل ابتذال وسطحية عن اغنيتهم... حتى لو كانت اتكتبت وسط كركرة الجوزة ودخان الحشيش ..
يكفيه سلامة مقاصده وطيبة نواياه وهو "يطنطن" في عشق هذا الوطن.. وماله الحشيش؟ إن كانت المخدرات سبب في خروج تلك التحفة الفنية للنور، فأهلا وسهلا بها، ويارب كتر أغانينا الوطنية على نفس النهج ده وعلى قد نيتنا أدينا
وقد يعترض أحدهم قائلا: وماذا عن حقوق الملكية الفكرية؟ ألا ينتقص السطو على أغنية حمص وحلاوة من قيمة الأغنية الجديدة حتى ولو كانت وطنية؟ .. سؤال ساذج وأناني ويحرض على المزيد من السلبية والتقصير في حق الوطن .. يا كل متحذلق مدعي ضعيف الولاء.. ألم توقن حتى اليوم، إن متقولش إيه ادانا الوطن.. وقول هندي ايه للوطن؟
ألم تسمع الزعيم الوطني الراحل علاء ولي الدين، وهو محمولا فوق الأعناق، يهتف بكل قناعة وارتياح: يعيش الوطن واحنا مش مهم!!
لقد أخطأ حمص وحلاوة، واستحقا اللعنات.. لما فكروا في نفسهم، وكانوا عايزين يحرموا الشعب على القهاوي وماتشات الكورة ..
في الحواري وسط الزبالة وطفح المجاري وجوه البيوت حوالين حيطانهم المشققة.. أو حتى في الخمارات .. كانوا عايزين كل دول يسمعوا أغنيتهم البسيطة، ويحرموهم أنهم يشدوا ورا غندور: "على كل الأوطان متسلطن.. رجالتك طول عمرها رجالة" !!
ليه مضحوش تضحية بسيطة ومفرحوش مع الفرحين بالأغنية، من أجل هدف وطني أسمى من أحلامهم الفئوية؟ أينعم هما كانوا حاسين إن أغنيتهم بتعني ليهم هوية ووطن حقيقي.. أينعم هذا الوطن موفرلهمش أربع حيطان تتاويهم، وترحمهم من التسكع في الشوارع، وتحميهم من ذئابها وقهرها.. أينعم لا يملكوا بيت ولا توب ولا مال .. ولا حتى أطفال، بعد ما بلطجية شوارع الوطن ضربوا حلاوة في بطنها وضيعوا الحلم الأخير بطفل يمثل مستقبلهم في نفس الوطن ..
أينعم كلمات أغنيتهم كانت مبتذلة كما واقعهم مبتذل.. أينعم كانت بتعبر عن حياتهم وتطلعاتهم وأحلامهم البسيطة .. أينعم هما كانوا حاسين، أنها الشيء الوحيد اللي يملكوه، وإن حضن حمص وحلاوة لبعض هو وحده اللي كان بيمثل لهم معنى لكلمة وطن.. لكن كل ده ميبررش جريمتهم بمحاولة منع الناس أنها تغني مع غندور بيه وتدلع وتهشتك... الوطن