هل سيتخلى ”اليهود” عن دعمهم التاريخي للحزب الديمقراطي؟!
منذ إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية عامة، وبعد إصدار الدستور الأمريكي خاصة، واليهود موجودين بقوة في الحياة السياسية الأمريكية، وقبل سنة ١٩٢٠ كان اليهود يدعمون من يساند ويقف في صف ويدافع عن مبادئ الدستور الأمريكي سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين، وذلك لأسباب كثيرة أهمها: إن الدستور الأمريكي يعطى المواطن الأمريكي المواطنة الكاملة التي ليست على أساس ديني.
هذا لم يجدوه اليهود في يوم من الأيام في أي مجتمعات عاشوا فيها قبلا، لا أوروبا، حيث يسيطر الكاثوليك الذين كانوا يعتبرون اليهود جامعي ضرائب ومرابي أموال، ومع إن ذلك كان في صالح النمو الاقتصادي لتلك الدول إلا أن تهمة قتلهم للسيد المسيح كانت تجعلهم دائما موضع كراهية لهذه الدول مما يجعلهم غير مرغوب فيهم او يعيشون في أحياء يهودية منفصلة.
ولم يكون اليهود الذين عاشوا في البلاد الإسلامية بحظ أوفر، لانهم وان كانوا قد نالوا بعض الحقوق وتقلدوا مناصب مهمة في البلاد الإسلامية إلا أن رجال الدين الإسلامي جعلوهم دائما مواطنين من درجة دنيا، ولذلك وجد اليهود ضالتهم في الدستور الأمريكي وناصروا الحزب الذى يدعمه، وأيضا كانت انتماءاتهم الحزبية تتوقف على البلاد التي هاجروا منها، فمثلا اليهود الذين هاجروا من ألمانيا كانوا يدعمون الحزب الجمهوري، والمهاجرين من شرق أوروبا كانوا يدعمون الحزب الديمقراطي، ولكن نقطة التحول الأساسية لانتماء اليهود وتوجههم القوى لدعم الحزب الديمقراطي ابتدأت سنةً ١٩٣٠ عندما ترشح فرانكلين روزفلت لرئاسة أمريكا.
في تلك الفترة كان اغلب اليهود عمال مصانع، وكانوا اشتراكيين يساريين، وكانوا معظمهم فقراء، وكانت حملة روزفلت مبنية على أساس مساعدة الفقراء والعمال الديمقراطيين والاشتراكيين، ومن تلك الفترة كانت كل توجهات اليهود نحو الحزب الديمقراطي حتى وقت الانتخابات الأخيرة والتي كان لابد لهم أن يقرروا مع أي حزب يجب أن يقفوا لان الحزب الديمقراطي ظهرت فيه انقسامات حادة أو من يسمون أنفسهم "الديمقراطيون الجدد" أو "التقدميين الديمقراطيين" اظهروا كراهية علنية لدولة إسرائيل وأعمال عدوانية ومعاداة للسامية.
كما أن تخاذل حكومة بايدن ودعمها الغير قوى لإسرائيل أعاد إلى أذهان اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي مأسي اليهود في العصور السابقة مثل ما حدث لهم في إسبانيا وإنجلترا في العصور الوسطى، وألمانيا في القرن الماضي، وبغباء لم يسبق له مثيل فتح الحزب الديمقراطي الباب على مصراعيه لتلك الجماعات المعادية للسامية أن تتغلغل في كل جنبات الحزب بل وتنشر أفكار بين أعضاء الحزب أكثر تطرفا من النازية تجاه السامية، وهم بذلك قد دقوا أول مسمار في نهاية الحزب الديمقراطي.
أما الحزب الجمهوري فقد وجد ضالته وخرج السيد دونالد ترامب بعد الانتخابات ليعلن دعمة الكامل لإسرائيل ويتوعد كل من يعادون السامية في أمريكا، ولذلك تعتبر انتخابات ٢٠٢٤ الرئاسية الأمريكية نقطة تحول تاريخية في موقف اليهود الأمريكيين من الحزب الجمهوري... فهل سيتخلى اليهود عن دعمهم التاريخي للحزب الديمقراطي أم سيتبعون المثل المصري الذي يقول "ان القط يحب خناقه" ويستمرون في دعم الديمقراطيين؟!... لننتظر ونرى وان غدا لناظره قريب.