الخوف والحياة
يقول صاحب زوربا الكاتب والفيلسوف اليوناني نيقوس كازانتزاكس :
"كان الخوف يبدأ مع ولادتهم ولا ينتهون منه إلا بموتهم، وكانوا يطلقون على هذا الخوف (الحياة)"
نعم يا عزيزي، ورثنا مخاوف وتعودنا على مخاوف واخترعنا بأنفسنا لأنفسنا مخاوف ثم عشنا كل هذه المخاوف وظننا أنها الحياة! وبينما بعضنا يعيش كل هذه المخاوف يظل يردد للآخرين لا تخافوا! بينما نحن والآخرون لا نفعل شيئاً سوي أننا نخاف! ولكن هل حقاً الخوف يمنع الحياة؟!
في ظني نعم، إن الخوف وإن كان لا يمنع الموت ولكنه يمنع الحياة، إننا أصبحنا نعيش مع مخاوفنا أو ربما التعبير الأدق نتعايش معها، ونعم هناك مخاوف ورثناها من الأهل، مثلاً هذا الذي ولد في بيت يجد أباه وأمه يخافوا من الغد (أو ما يطلق عليه باللغة العامية خايف من بكره) في أغلب الأحوال سيحيا حياته يخاف من الغد ومن قادم الأيام حتى وإن أنكر ذلك.
والبعض مننا صنع مخاوفه بنفسه أو ربما يصلح أن نُطلق عليها مخاوف مكتسبة ربما بسبب مواقف وخبرات حياتية أو قراءات أو حتى بسبب أحداث في أعمال درامية شاهدها الإنسان وتأثر بها بشكل غير صحيح، وأيضاً هناك مخاوف أخترعها الإنسان من نسج خياله على غير الحقيقة، وغيرها من أنواع المخاوف التي ربما يصعب أن نحصيها، حتى إنني أرى أن البعض أصبح وكأنه لا يستطيع أن يحيا دون خوف وربما بسبب هذا الاعتياد المقيت على الخوف!
وأعتقد أنه يجب استشارة متخصص إذا شعر الإنسان أن مخاوفه كثرت بعض الشيء أو أصبحت تعيق استمتاعه بالحياة أو القيام بمسؤولياته الحياتية، ولا أنكر أنه بحكم التربية والنشأة وأيضاً الخبرة في الحياة التي اختبرتها أقول إننا نحتاج أن نثق في قدرة القدير على تدبير أمور الحياة فربما هذا يحد من مخاوفنا بعض الشيء!
وحيث إننا لن نستطيع التحكم في المستقبل، فقط ما علينا سوى أن نقوم بمسؤولياتنا وما يتوجب علينا فعله في الحاضر ونأخذ بأسباب النجاح والعمل بجد في الحاضر ونترك مخاوفنا من المستقبل لأن الخوف من المستقبل يقيناً يمنع الاستمتاع بالحاضر.