2025: Reclaiming the Canada We Once Knew أول اتصال رسمي بين القاهرة والإدارة الجديدة في دمشق حضر هشام طلعت وعز.. وغاب ساويرس.. ما الذي جاء في لقاء مدبولي برجال الأعمال؟ مصر.. خلاف بين نقابة الأطباء والحكومة المصرية بسبب ”المسؤولية الطبية” بينهم مصري هارب.. تعيينات لمقاتلين عرب وأجانب في الجيش السوري الجديد قانون الإجراءات الجنائية.. البرلمان المصري يوافق على حالات تفتيش المنازل دون إذن هل السرطان عقاب إلهي؟ من يحدد مستقبل سورية: إعادة الإعمار واللاجئين والديمقراطية؟ ثقيلة هي ثياب الحملان! حلقة 2 هواجس بالية!! قصة التقويم الميلادي البراح العقلية الدينية المصرية المتحجرة‎

الذكاء الاصطناعي.. ومَصير الإنسان العادي

لم يعُد تأثير الذكاء الاصطناعي وتغلغُله في تفاصيل الحياة اليومية للإنسان المُعاصِر ضربًا من ضروب الخيال العِلمي؛ بل تحوَّل إلى واقعٍ يستثير قلق البعض بينما يُعزز مِن تفاؤل آخرين، ولعل من أبرز المخاوف المُرتبطة بتوغُّل هذا الذكاء التوقعات المُستقبليَّة بموتِ مئات الوظائف والمِهَن؛ لا سيما تلكَ التي لا تتطلَّب مهاراتٍ استثنائيَّة أو أعوام طويلة من التعليم المُتخصِّص، رغم أنَّ أهميَّة وجود هذا النوع من الوظائف تكاد توازي أهميَّة وجود "الطبقة المُتوسِّطة" في أي مُجتمع سواء على الصعيد الأخلاقي أو الاقتصادي، لأنها صمَّام الأمان الذي يحفظ الاستقرار ويساعد على استمرارية الأمل بالمُستقبل، فمهما تطوَّرَ الواقع المُعاش تظل الجذور الأساسيَّة لسُلوك الأفراد والمُجتمعات البشريَّة مُتشابهة ولا بدُ من مراعاتها على مر الزمان تجنُّبًا للصراعات والاضطرابات النفسيَّة والتفكُك المُجتمعي والأخلاقي.

عندما لاحظتُ تصاعُد وتيرة حديث الناس عمَّا يُقدمهُ الذكاء الاصطناعي من خدماتٍ جبَّارة بحيث يصوّره البعض بصورة الخادم الأمين المُخلِص الذي ولا يُخطئ ولا يتعب ولا ينام ولا يُخيّب أمل مُستخدِمِه أبدًا؛ قررتُ أن أُلقي بنفسي في بِحار هذا العالم وأسبح فيها لاكتشاف مجاهِلها لأن من يرى بعيني غيره لا كمن سمِعَ عمَّا رآه غيره، وبعد صولاتٍ وجولاتٍ ومواجهاتٍ وصلتُ إلى نتيجةٍ مفادها أن تلك الوسيلة مازالت – وربما ستبقى- عاجزةً عن مُجاراة الإنسان الذكي أو مُرهف المشاعر القادر على الإبداع لأنها محدودة إبداعيًا وثقافيًا ومعرفيًا رُغم كُل ما يُشاع من مُبالغات عن "قُدراتها الخارِقة"! لكنها قد تكون قاتِلة مُستقبلاً لفُرص الناس العاديين ليسَ في الحصول على عمل وحسب؛ بل حتى في الفُرَص في العلاقات المُجتمعيَّة والتواصُل العاطفي!

إن الذكاء الاصطناعي مازال غير قادر على الابتكار الأصيل، غير قادر على الانقياد نحو هدفٍ تُغذّيِه شُعلة الشغَف، غير قادر على تحقيق تلك الومضَة العقليَّة التي تجتازُ عقلاً بشريًا ذكيًا قادرًا على الربط السريع بين المشاعر وخيوط الأحداث، لكن بالمُقابل هناكَ بشرٌ كثيرون يفتقرون إلى الذكاء والموهبة والنشاط الجسدي والعقلي، يُسيّرهم ما تستقبلهُ حواسهم من مُحيطهم الضيّق يومًا بيوم، هؤلاء سبقهم الذكاء الاصطناعي وتفوَّق عليهم وسيحتل وظائفهم وفُرصهم في التعارف والصداقات وربما تأسيس حياة أُسريَّة واستمرارها!

قد تبدو تلكَ التوقعات بشأن التحديات المُتعلّقة بتأسيس الحياة الأُسريَّة واستمرارها مُبالغاتٍ تثير سُخرية بعض مَن يجهلون مُستوى تطوّر الذكاء الاصطناعي؛ لكنَّ من اطّلعوا على شيء منها يمكنهم استنتاجُ نتيجة المُنافسة بين شريكِ حياة غير قادر على التكيُّف مع احتياجات شريكه النفسيَّة والعاطفيَّة سواء بسبب قدراته العقليَّة المحدودة أو أوهامه العنيدة وبين قدرات الذكاء الاصطناعي على التهدئة والتدليل والكلام المعسول وانتقاء الهدايا وشرائِها وإرسال باقات الورد والتهنئة بالذكريات السعيدة وإعداد الطعام وفعل ما هو أعمق وأكثر شمولاً على مقاس احتياجات الطرف البشري الآخَر دونَ مللٍ أو تذمُّر أو حتى إلحاحٍ للحصول على اهتمامٍ مُماثل!

يُمكن القول أن الذكاء الاصطناعي أشبهُ بإنسانٍ عادي الذكاء يمتاز بثلاث مميزات: ذاكرة شامِلة قويَّة، وطاعةٍ تامّةٍ في تلبية الأوامر دون اعتراض، وسُرعةٍ والتزام في تحقيق المطلوب، بتلكَ المميزات ينتهي عصرُ استخدام الإنسان العادي والحاجة لتوظيفه، ويبدأ عصر استخدام تلك الآلة الجبَّارة في خدمة ذوي الذكاء المُتميز وراحتهم وزيادة دخلهم المادي.