The Fine Line Between Democracy and Social Disorder البابا تواضروس بعد ١٢ عام من رئاسته للكنيسة 6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس

ايفت صموئيل تكتب: بلوغ سنّ التقاعُد .. و لا انتظاره

أكتب في توقيت يفصلني عن سنّ التقاعد .. أيام . أعترف أني من فترة ليست بالقصيرة ، كنت مشغولة بالأمر ، متهيّبة اللحظة ، يمر أمامي شريط الذكريات .. حلوها و مُرّها . المشوار طويل و المحطات كثيرة ... وددتُ أن أشارككم بعضها في مجال حياتي العملية . كان أولها ، قبولي العمل بعد تخرجي 1978 ، كــ مُدرِّسة ابتدائي بالثانوية العامة في احدى قرى المنيا ، براتب صافي 13,5 جنيه .. علماً بأن المواصلة الوحيدة للقرية كانت سيارات الـ 1/2 نقل .. متخيلين ؟؟ و لأن ربنا كريم .. كريم قووووي ، تم تسويتنا بمؤهلاتنا بعد 3 شهور فقط و قفز الراتب الصافي إلى 27 جنيه . بكل المعايير ، كان عملي في جمعية الصعيد للتربية و التنمية ، فاتحة خير ، التدريس بحد ذاته ، مُتعة . التعامل مع أطفال الريف و اكتشاف تميز الكثيرين منهم رغم محدودية الفرص .. أضاف لي الكثير . غير أن الفرصة الأعظم كانت حين رشّحنى رئيس مجلس إدارة الجمعية فى نهاية العام الأول لعمل دبلوما في التربية . و دراسة العلوم الإنسانية ممتعة و كاشفة للنفس و الآخر ، خاصة إذا كان للدارس فضول و حب للمعرفة و قوة ملاحظة للسلوك الانساني .. و قدرة على التحليل و الربط . كانت الثانية ، حينما اخترت آسفةً عام 1982 ، تسلّم قرار تعييني بالقوى العاملة كـ مهندسة ، حيث المواعيد أكثر انتظاما و ملاءمة لسيدة تنتظر طفلها الأول . و بدأت معاناتي ، مهندسة صيانة بين مجموعة من الرجال ، عمال و فنيين . و لكم أن تتخيلوا ، معنى أن تترأس إمرأة فريق عمل رجالي 100 % في الصعيد . صعب جدا أن يعاملك الآخرون بحسب جنسك لا بحسب تخصصك أو حتى بوصفك إنسان تصادف كونه أنثى . أعرف أني بحكم تربيتي و تكويني ، مختلفة عن النموذج النسائي السائد .. و للاختلاف رافضيه و على المختلف ضريبة مستحقة . على سبيل المثال ، بطبيعتي مرِحة دون القبول بتجاوز .. جادة في عملي دون تعسف . و لم نعتد أن تجتمع الصفتان المرح و الجِديّة ، فما بالك ان اجتمعا في امرأة .. صعيدية ؟؟ لم أعط طوال حياتي العملية الممتدة طوال 38 عام ، جزاءا لأيٍ من العاملين معى .. و مع هذا حاسبت كل من حاول التجاوز في العلاقة الشخصية أو العمل .. اختلفنا و تشاكسنا ، انما حرصي على عدم الاضرار بأي منهم ، ساعد على نمو ارتباطنا في الاتجاه الايجابي ، خاصة و قد حرصت من الوهلة الأولى على تقوية علاقاتي العائلية مع معظمهم . المحطة الثالثة ، كانت في بداية السنوات العشر الأخيرة . تجرأت و رفضت إمرار تجاوزات رئيسي المباشر لصالح أحد المقاولين بشكل فجّ غير قانوني . رفعت الأمر لرئيس مجلس الإدارة .. فما كان منه إلا أن أصدر أمراً بنقلي من عمل استمر 25 عاما ، لموقع و نوعية عمل جديدين تماما . الشكل العام كان يشي بأنه عقاب / نقل تعسفي . قاومت بكل الطرق القانونية ، و كانت الإجابة النهائية ، نفذّي و بعد شهر ارجعي . و حدث . و مرة آخرى ، و بعد تجاوز الأزمة نفسياً .. بدأت أفحص عملي الجديد بعين الموضوعية .. كان بالفعل نقلة نوعية متميزة ، أضافت لي الكثير ، حتى أنه بعد شهور و في مناسبة خروج رئيس مجلس الإدارة للتقاعد ، دعاني مشكوراً لمكتبه و عرض عليّ إمكانية العودة لمكاني القديم إذا كنت مازلت راغبة في العودة . شكرته و اعترفت بأني أفضِّل موقعي الأخير . أمام شريط الذكريات ، اكتشفت اني استعرضه بسعادة بالغة ، رغم عثرات الطريق . حتى عثراته ، كانت محطات تهدئة لانطلاقة جديد و انجاز مُضاف . أشعر بالرضا و بإشباع نفسي لا سقف له رغم بعض المعاناة . أدين بالفضل لكثيرين فيما بلغت و أنجزت ، في مقدمتهم والداي ، راهبات القديس يوسف حيث كانت مرحلتي الابتدائية ، دير الآباء اليسوعيين بالمنيا .. بيتي التاني الذي عايشته مستفيدة من تعليمه و خدماته ثم مشاركة في تقديم التعليم و الخدمات . أشخاص ما أن يمروا بخاطري ، حتى يتجسد حضورهم أمامي و تتسلسل في ذهني نقاشاتنا و اختلافاتنا و ما طبعناه من أثر .. كلٍ منا في الآخر . أكنّ احتراماً و تقديراً خاصين لزوجي شريك المشوار ، لابني و ابنتي ، لمشاركتهم الواعية و تحملّهم ، كانوا بحق عند حسن الظنّ فيهم ، دعموني باجتهادهم بل بتفوّقهم .. أسرح و أنا أتخيّل ، لو أنهم خانوا توقّعي منهم و تعثروا دراسيا أو أخلاقياً .. ما كنت تحملت إخفاقات لم يخلُ طريقي منها ، ما كنت شعرت بمذاق لنجاحات الطريق مهما تعددت ، نجاحهم كان سر سعادتي و قوتي الدافعة لمزيد من النجاح . ألطف ما في الموضوع ، انه بتقدُّم العمر ، نمَت فيّ القُدرة على الهضم . صحيح ، لا تنقطع الأماني و الأحلام .. لكن لم تعُد آمالي مُعلَّقة على انتظارات ، قد تأتي و قد لا تأتي . ازرعُ وِدّاً حيثما حللتُ ، أحبُّ من كل قلبي ، أجنِّب نفسي مرارة الكُره أو الحقد قدر الاستطاعة ، اجتهد بقدر الإمكان ، أتواصل مع شرائح مجتمعية متنوعة ، أطرح أو أشارك في مبادرات جادة مهما بدت صغيرة و محدودة ، أستمتع باللحظة في حجمها ، لا أنتظر شيئاً ، لا أنتظر أحداً ، ما و من يأتي ، أهلاً به و مرحباً .. و ما و من لا يأت .. فلا غضب ، لا غِصّة أو مرارة .... في الحياة ما يستحقّ أن يُعاش دون تعقيدات . أشكر ربنا على كل ما و من مرّوا بي أو مررتُ بهم في رحلتي .