سمير بشاي يكتب: إلى متى يارب ؟!!
إسمح لى يارب أن أسألك فتجيبنى حيث اننى لا استوعب كل ما يحدث لنا فى بلدنا ووطننا الحبيب مصر وإسمح لى أيضاً يا سيدى أن أناديك بـ يا أبانا كما طلبت منا فى الصلاة الربانية حيث قلت لا أعود أسميكم عبيداً ولكن أحباءً .
يا أبانا السماوى عندما جاء عمرو بن العاص غازياً إلينا وعصيت عليه المدينة العظمى الأسكندرية أقسم إنه إذا كسر حصونها سيجعلها مثل " الغانية التى يستبيح جسدها كل من يريد ".
وعندما وجد بها مكتبة الأسكندرية العالمية الشهرة ووجد بها ما يقرب من 700000 سبعمائة ألف مجلد أرسل يسأل الخليفة " العادل " عمرو بن الخطاب ماذا نفعل بهذه الكتب فأجابه الخليفة " العادل " بأنه إذا كانت هذه الكتب توافق القرآن فلا حاجة لنا بها أما إذا كانت تخالف القرآن فلا إرب لنا فيها واحرقها . أى إنه عليه أن يحرقها سواء كانت توافق القرآن أو تخالفه ولذا فقد حولت جميع هذه الكتب العلمية والتراثية والحضارية والتاريخية إلى مجرد وقود لتسخين مياه جميع الحمامات العامة فى كل أرض مصر لمدة 6 شهور كاملة .. وفقدت مصر بذلك كل علومها وثقافتها وحضارتها وتاريخها فى تسخين مياه حماماتها ؟ !!!
أنت تعلم يارب ويا أبانا السماوى أن العلماء الحديثين يقولون أنه لو كانت مكتبة الأسكندرية موجودة حتى اليوم الحاضر لكنا قد وصلنا إلى القمر مائتى سنة قبل تاريخ وصولنا الفعلى إليه .
وأنت تعلم أيضاً يارب أنه عندما كانت تعلم مكتبة الأسكندرية بصدور كتاب جديد فى العالم القديم " روما " وتريد استعارتة لنسخة فإنها كانت تودع ما يعادل وزنه ذهباً لإستعارته لحين استنساخه وإعادته .. هذه كانت قيمة العلوم والكتب فى أرض مصر قبل الغزو العربى ..فأين هى مصر الآن ؟ !!
إسمح لى يا أبانا السماوى أن أسألك حيث إننى قاصر عن الفهم فتجيبنى فأفهم .. لماذا سمحت يارب أن مجموعة من الأعراب لا يتجاوز عددها 4000 مقاتل أن يهزموا مصر أم العالم وأم الحضارة وفجر الضمير وسلة غذاء العالم ليحرقوها ويهدموها ويعبثون فى أرضها ظلماً وفساداً ؟ !!!!
أنت قلت يارب فى الأنجيل أن موسى النبى الذى تربى فى قصر فرعون قد تعلم بكل حكمة المصريين وأنت قلت أيضاً " مبارك شعبى مصر " .. فلماذا سمحت يارب بأن نسبى فى بلادنا وعلى أرضنا ؟ !!
هل خالفنا وصاياك بعد أن دخلت المسيحية أرض مصر ؟! هل عبدنا أوثاناً كما حدث مع بنى إسرائيل فسمحت بسبيهم ؟!! ألم ندافع عن الأيمان ؟ وحاربنا جميع الهرطقات ؟ .. ألم نقدم الرهبنة الى العالم أجمع ؟ ألم نقدم مئات الالوف من الشهداء لمجد إسمك القدوس ؟ حتى إننا بدأنا تقويماً جديداً بأسمهم وهو التقويم القبطى الذى نتبعه حتى يومنا هذا فى كل المواسم الزراعية ؟ !!!
ألم نقدم الشهداء حتى يومنا هذا ؟ شهداء الكشح والزاوية الحمراء والخانكة وماسبيرو ؟ وماذا عن الواحد وعشرون فى ليبيا الذين لم ينكروا إسمك وهم يذبحون ؟ وماذا عن شهداء الكنائس فى جميع بلاد مصر ! فأنه لم تخلوا مدينة أو محافظة ألا وفيها الذبح والقتل والتفجير والحرق للأقباط فى داخل خارج كنائسهم ومنازلهم وحقولهم ؟
وماذا عن البارومى المحبوس حالياً بتهمة اغتصاب فتاة مسلمة علما بأنه فاقد الذكورة بشهادة الأطباء بما فيهم اطباء الخدمة العسكرية الذين اعتبروه غير كامل الرجولة ورفضوا تجنيده ؟!! ..
يا سادة .. كيف يدان فاقد الذكورة باغتصاب فتاة ؟!! اين العدالة يا سادة ؟ واذا لم يكن هناك عدالة لغير المسلمين فأين المنطق والضمير يا سادة ؟ والأنكى من ذلك انه ما زال محبوسا ولم يصبه الدور بعد فى الافراج عنه بواسطه مراسيم العفو الرئاسى التى تصدر فى الاعياد الرسمية لبعض السجناء ؟!!!!
يا ابانا السماوى .. عندما علم أبو الآباء ابراهيم النبى بأنك تنوى أن تبيد سدوم وعمورة لأن فسادها قد فاق كل الحدود تحاجج معك وتسائل اذا كنت ستسمح ببقائها لو فيها خمسون بارا فوافقت ثم تنازل رقم الابرار حتى وصل الى 10 أبرار فقط وقد وافقت أيضا يا سيدنا ان تسامح هذين المدينتين حتى لوكان فيهما عشرة ابرار فقط ..
اى انك يا رب كنت ستسامح بمحبتك وسعة حكمتك ورحمتك مدينتين كاملتين لو كان بها عشرة ابرار فقط !!! فهل يا رب لا يوجد فى كل ارض مصر عشرة ابرار ليطلبوا المغفرة عنا ؟!!
قال مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث قبل نياحته ان من كان ينوى السفر فى مصر كان يسافر ليلا ليتجنب حرارة شمس النهار وكان المسافر ليلا لا ينقطع عن سماع صوت الرهبان على طول طريق سفره ليلا ... فهل يمكن بعد هذا الا يكون فى مصر عشرة ابرار لترفع غضبك عنا ؟!!! وماذا عن مئات الآلاف من الشهداء الأقباط ؟!!
عندما كسر اليهود وصية الله بعدم عبادة الاوثان أدبهم الله وسمح بسبيهم فى بابل ولكن لم تزيد مدة سبيهم عن 183 سنة .. فلماذا تسمح يا رب بسبينا فى بلادنا اكثر من 1400 سنة ونحن لم نعبد أوثانا منذ عرفناك ؟!!!!!
انت تعلم يا رب كم قاسينا منذ احتلال العرب لمصر .. ولكننى سأذكر قليلا مما تعرفه لتتعاطف معنا وترحمنا عاجلا.
فى عصر الحاكم بأمر الله الفاطمى (996- 1021م) الذى بدأ الحكم وعمره أقل من 16 سنة أصدر قوانينا يصعب على اى مواطن احتمالها مثل منع التجول من العشاء حتى مطلع الفجر ومنع النساء من السير خلف الجنازات أو خروجهن للأسواق والحمامات كما حظر عليهم التطلع من النوافذ أو الوقوف فوق الاسطح ومنع صانعى الأحذية من صنع الأخفاف للنساء حتى يصعب عليهم الخروج من البيوت
كما فرض على الناس قيوداً على المأكل والمشارب مثل منع بيع أو استيراد الزبيب كما منع الناس من شراء أكثر من 4 رطل عنب مرة واحدة ثم اعقب ذلك بأمره باتلاف اشجار الكروم ومنع اكل الملوخية كما أمر بمنع الصيادين من صيد السمك الذى بدون قشر كما منع ذبح الأبقار الا فى عيد الاضحى
وكان من ضمن مساعديه قبطياً يدعى أبو نجاح الكبير الذى امره الحاكم بأمر الله أن يعتنق الاسلام فلما رفض أبو نجاح هذا الأمر أمر الحاكم بنزع ثيابه وأن يشد على الهنبازين ويضرب ألف جلدة .. فضربوه 500 سوط من السياط المصنوعة من عروق البقر حتى تقطع لحمه وسال دمه مثل الماء
ثم أمر بأن يضرب تمام الألف سوط من فلما ضرب 300 سوط اخرى قال انا عطشان فبطلوا عنه الضرب وابلغوا الحاكم بذلك فقال إسقوه بعد ان يرجع لديننا فرفض أبو نجاح ان يشرب ولكنه اسلم الروح .. فلما اعلموا الحاكم بأمر الله بذلك أمر ان يضرب جثمانه الميت تمام الالف سوط .
وفى سنة 1008م فرض الحاكم قيوداً أخرى على الأقباط تتعلق بالغاء اعيادهم ومنع ضرب النواقيس فى الكنائس وصودرت جميع اوقاف الكنائس والأديره لصالح بيت مال المسلمين كما نزعت الصلبان من قباب ومغارات الكنائس ووصل به الامر الى ان يطلب من المسيحيين بازالة وشم الصليب من أياديهم .
وفى سنة 1011 صدر الأمر بأن يعلق النصارى حول أعناقهم صلباناً من الخشب طول كل منها ذراع ووزنه 5 أرطال .
وفى سنة 1013 أصدر أمراً بهدم وسلب جميع الكنائس الموجودة فى الاراضى المصرية بدون استثناء ويقدر عدد ما هدم من الكنائس ونهب وسرقة جميع اثاثاتها وأوانيها المقدسة فى ذلك الحين ما يزيد عن 30000 كنيسة (ثلاثون الفا)
وخيٌر الحاكم بأمر الله الاقباط بين اعتناق الاسلام أو الخروج من مصر ... يعنى البيت بيت أبونا وييجى الغُرب يطردونا ؟!! .. ومما زاد الحال وحشية ان الرعاع والسوقه لم يقوموا بهدم الكنائس فقط ولكن محوها محواً كاملاً ووصل بهم الحال ان نبشوا قبور النصارى واستخرجوا عظام الموتى ليستعملوها وقوداً فى الحمامات .
ولم يقف الحال عند هذا الحد بل امر الحاكم بأمر الله جميع النوتية بأن يرفضوا نقل الذين وأخيراً وضع الحاكم بأمر أهل الذمة بين خيارين .. أما اعتناق الاسلام أو الموت . وقد بنى الحاكم بأمر الله مساجد بدلا من الكنائس التى هدمت أو خربت .
أما الأسوأ فقد حدث بعد ذلك عندما أمر الحاكم بأمر الله بقطع ألسنة من يتكلم اللغة القبطية سواء فى الشارع أو المنزل .. وكل من يضبط يتكلم القبطية يقطع لسانه حتى لو كان فى منزله مع زوجته واولاده .
فانتشر الجواسيس فى كل مدينة وشارع وزقاق ليتنصتوا على البيوت وكل من يُسمع متلبساً بالحديث باللغة القبطية يقبض عليهم وتقطع ألسنتهم حتى أصبحت اللغة القبطية لغة منعدمة .
وبما ان الحضارات تنتقل عبر الأجيال بالتراث واللغة والتاريخ ونسيم الموروثات من الاجيال السابقة للاجيال اللاحقة .. فقد انقطع الاتصال الحضارى بين الاجيال واصبحت الاجيال اللاحقة لا تعرف ولا تقرأ ولا تسمع اى من تراثها وفقدت القدرة على التواصل أو الكتابة أو القراءة أو استمرارية البحث والمعرفة وهكذا قضى على الحضارة المصرية القديمة أو حتى بقاياها القبطية ...
فجميع الكتب أحرقت فى مكتبة الاسكندرية وجميع الالسنة قد قطعت وحتى الكتب التى كانت ما تزال فى البيوت لم تجد من يقرأها أو يفسرها أو يورثها للاجيال التالية .
ترى هل اقتصرت أعمال هدم الكنائس على مصر فقط ؟!! لا وألف لا فقد شملت ايضاً كنيسة القيامة فى اورشليم القدس حيث انها تعرضت للهدم فى أيام الحاكم بأمرالله أيضاً حيث أمر بهدمها عندما علم أن الاحتفال بأحد الشعانين يكون بالطواف حول كنيسة القيامة بالسعف والالحان .
وقد اختفى الحاكم بأمر الله تماماً 1021م وكان اختفاءه غامضاً حيث انه لم يعرف كيف مات أو دفن أو موعد حدوثه حتى الآن .
أما آخر الخلفاء الفاطميين فكان الخليفة العاضد (1160-1171م) ووزيره شاور الذين قرروا أن يحرقوا مدينة الفسطاط القديمة التى كان معظم سكانها من الأقباط عن بكرة أبيها كحظة دفاعية تحسبا لأى هجوم يحدث من الخارج وبدون ان ينذروا سكانها أو يهجرونهم كأى خطة سليمة .
قام رجال العاضد بصب 20000 (عشرون الف) برميل من المواد الملتهبة واشعلوها بعدد 10000 (عشرة آلاف مشعل) ليشعلوا فيها النيران التى استمرت 50 يوماً متصلة .. وبين عشية وضحاها أصبح اقباط الفسطاط القديمة مُعدمين !!!!!!! ألا يحق لنا أن نسأل الى متى يا رب ؟!!!
يا أبونا السماوى اذا كنت قد سمحت بأن يهدم 30000 كنيسة منذ مئات السنين فلماذا لا تسمح الآن ببنائها مرة أخرى ؟!! لقد امتنع الغاصب العربى ان يبنى كنيسة واحدة فى كل الاجيال السابقة .. وما يبنونه الآن هو ما تم تدميره وحرقه اثناء الثورات الحديثة .
أنت تعلم يارب اننا لا نستطيع ان نصلى فى الشوارع او الطرقات او الميادين لأن طقوسنا تحتاج الى الهدوء والخشوع والتقديس . وهذا لا يمكن وجوده فى الاماكن العامة المليئة ازدحاما وضجيجاً .
يا أبونا السماوى الحبيب .. انت تعرف كنيسة الأربعة عشر مسجداً ؟!!!
هى كنيسة العياط محافظة الجيزة وقصتها انه فى الثلاثينات من القرن الماضى وضع العزبى باشا تقنيناً لبناء الكنائس يسمى الخط الهمايونى وملخصه انه لا يجوز بناء كنيسة على بعد امتار معينة من اى مسجد . فعندما تتقدم اى جهة بطلب ترخيص لبناء كنيسة فإن الطلب يعطل حتى يتمكن المسلمون من شراء اى قطعة ارض مجاورة لمكان الكنيسة المقترحة ليقيموا عليها مسجداً وبالتالى تصبح الكنيسة مخالفة للتعليمات الهمايونية ... وتبدأ دورة جديدة للبحث عن قطعة أرض أخرى وهكذا دواليك حتى لا يتم التصريح ببناء الكنيسة . وكنيسة العياط لم تبنى الا بعد ان تم انشاء 14 جامع ... هل رأيتم حرية عبادة اكثر من ذلك فى جميع دول العالم ؟!!! ارحمنا يا رب .. يا أبانا السماوى لقد صرخنا لك بأصوام وصلوات لكى ترفع عن شعبك كل هذه المظالم ... ألم تصلك صرخاتنا وصلواتنا ليلا ونهارا ؟!! إلى متى يا رب تسمح بكل ما يحدث لأبنائك وبناتك فى مصر التى باركتها بزيارتك ؟!! إلى متى يا رب ؟!!!