جورج موسي يكتب: في ذكري شهداء ألأقباط في ليبيا....بسطاء منحونا شرفاً نرجو أن نستحقه
بقلم: جورج موسي
ربما قابلت أنا أو قابلت أنت أحدهم يوماً ما في طريق الحياة ولم نعره لا أنا ولا أنت الأهتمام الذي يستحقه ، بل أني أكاد أجزم أن أحدهم لم يكن ليبدو لمجتمعه شخصاً مثيراً للأهتمام من الأساس ، فهو ليس طبيباً مشهوراً أو كاتباً مرموقاً أو ضابطاً عظيماً يعلن عن قدره العالي بالرتب والنياشين التي تزين كتفيه أو يتفاخر بها علي صدره . كانوا جميعهم بسطاء في كل شئ ، بسطاء في مظهرهم وفي ملبسهم وفي طعامهم وفي أفكارهم وفي أحاديثهم وفي أيمانهم وياله من أيمان علي بساطته هذه ، هؤلاء البسطاء العظماء أو العظماء البسطاء الذين تركوا بلادهم وذويهم بعد أن ضاقت بهم سُبل الحياة في الحصول علي لقمة العيش الكريمة فرحلوا باحثين عن جنيهات أو دراهم قليلة في ليبيا المتناحرة آنذاك كي ما يعيلوا بها عائلاتهم ، هؤلاء البسطاء الذين أثبتوا للعالم أجمع أن ما جاء في كتب تاريخنا نحن الأقباط من بطولات لشهدائنا هو تاريخ حقيقي لم تشبه يوماً شائبة من صيغ المبالغه أو التباهي ببطولات مزيفه لم تحدث . الأقباط الذين صمدوا رغم ما تذوقوه علي مدار العصور من ألمرارة تلو ألمرارة أضطهاداً و تمييزاً و تعذيباً ، حتي جاء عليهم عصوراً كان القبطي يُجبَر علي وضع جرساً في قدمه كي ما يتم تمييزه حين يسير فيسمع الناس صوت الجرس فيميزونه عن غيره تحقيراً من قدره وأهانة له، ورغم ذلك ظل القبطي علي أيمانه دون ضجر ، الأقباط الذين حكم عليهم "الحاكم بأمر الله" ذات يوم أن علي كل قبطي إذا اراد أن يستمر قبطياً فعليه أن يعلق صليباً ثقيلاً من حديد علي رقبته كي ما يميزوه عن غيره تحقيراً وإذلالاً، و قبّل الأقباط رافضين التنازل عن أيمانهم أو حتي مجرد التفكير في ذلك حتي تحول لون عظم الأقباط حول الرقبه إلي اللون الأزرق بفعل أحتكاك الصليب الحديد هذا بعظمهم ومن هنا أطلق علينا نحن الأقباط(ألعضمه الزرقاء) ، كل هذا وأكثر عاناه الأقباط علي مر العصور حتي جاء عصر شهداء قرية "العور" الذين أعطوا شهادة حيه ستبقي للأجيال تشهد علي عظمة الأيمان القبطي ، هؤلاء البسطاء الذين تم تصويرهم وهم يقابلون الموت ذبحاً بكل جرأه ليعلنوا للعالم أجمع أن أيمانهم حتي النفس الأخير ولا نقاش عندهم في ذلك وهو أيمان غير قابل للمساومة حتي لو كان الثمن الحياة نفسها ، هؤلاء الأبطال ساقوهم إلي الموت ذبحاً ولم يظفر ذابحيهم منهم بنظرة أستعطاف في عيونهم أوحتي مجرد لمحة من تردد أو ضعف أو هوان تعلو وجوههم ، بل كانت عيونهم تنظر إلي السماء لا تعنيها سكين الجزار ، وكأنها تقول له " أفعل ما شئت ، فألهي ينتظرني وأنا أيضاً أشتاق أليه" وكان أسمه القدوس آخر ما نطقت به ألسنتهم المباركة . عزيزي القارئ ، ألا تتفق معي في أنه لو أرادت مصر أن تتفاخر بين الأمم في العصر الحديث بالمعدن الحقيقي لأبنائها ، فما قام به هؤلاء البسطاء يجب أن يكون في مقدمة ما تتفاخر به ؟ ولو جاز للشعب المصري أن يضع أيقونه للبطولة ومعاني التضحية وألثبات علي المبدأ وقوة الأيمان يسير ورائها أبناؤه ، ألا يجب أن يكونوا هؤلاء البسطاء الرمز والعلامة؟ لماذا نحتاج لخلق أبطالاً من زيف علي ورق أكثر زيفاً ثم ننعت أبطال الزيف هؤلاء بالأساطير؟ كم من أسطورة مزيفة بخسة الثمن صنعناها علي ورق عفن وضاع بسببها شبابنا بعد أن وضعنا لهم أساطير مزيفة في المقدمة لتكون "نمبر وان" ليقتدوا بها شباب هذه الأمه فوصل بنا الحال إلي ما نحن عليه الآن ؟ وأخيراً إلي شهداء قرية "العور" في صعيد مصر ، كمصري قبطي أقول لكم لقد منحتونا شرفاً نرجوا أن نستحقه