د. ناجي إسكندر يكتب: السؤال الهام جدا هل سيرى المؤمنون الله في الملكوت؟ وفي أية صورة سوف نرى الله؟
بقلم: د. ناجي إسكندر
ان الله في أخر الأيام، وبعد إرسال أنبيائه فعل ما كان مقررا أن يفعله منذ البدء وهو أن يتواصل بنفسه مع جبلة وخلقة يديه وحبيبه وهو الإنسان. ففي العقيدة المسيحية يؤمن المسيحيون بإله تجسد، ولكننا لا نؤمن وكما يتصور البعض باننا جعلنا من إنسان إله لنعبده.
مثال هام: يمكن للملك أن يتواضع ويمشي بين رعيته ويشاركهم في تفاصيل حياتهم ولكنه يظل ملكا. ولكن لا يمكن لأحد من الرعية أن يرفع من نفسه ويجلس على كرسي الملك ويمارس مهام الملك. وهناك فارق كبير فالملك يمكن إن يتنازل ويجلس بين الرعية، ولكن مرفوض أن يدعي أحد من الرعية انه الملك ويجلس علىكرسيه ويمارس مهام الملك.
وعليه فالمسيح الملك الاله والذي تجسد واخذ صورة الإنسان له لقبان ابن الله، وابن الإنسان ذلك لأنه الإله الذي صار في صورة إنسان اَي الله الظاهر في جسد الإنسان ليصل إلينا فهو إلهكامل وانسان كامل.
ولكن في فترة وجوده على الأرض أظهر حقيقة ومجد ألوهيته وأكدها ولكن لم يسمح باستخدام حق ألوهيته للتغلب على ضعف انسانيته وهذا واضح فعندما كان بيننا جاع وعطش وتألم مثل البشر وسمح للشيطان أن يجربه كإنسان لان الله غير مجرب وهذا معني "اخلى نفسه" فالمعني الحقيقي لذلك أنه ترك حقوق الألوهية وليس مجد الألوهية والتي لم تنفصل عن إنسانيته لحظة واحدة ولا طرفة عين.
والسؤال لماذا فعل الله ذلك؟:
اولا: ليكون بنفسه لنا وعنا فداءا عن خطايانا لكيلا نهلك ويكون لنا حياة ابدية.
ثانيا: لنعرف انه جرب مثلنا كبشر وعليه يقدر أن يعين المجربين منا.
ثالثا: ليتمتع الإنسان بلقاء انتظره طويلا وليري الإنسان الاله الذي احبه وعبده واشتاق لرؤيته فما أجمل أن يجتمع الأحباء فلم يكن ممكنا ان نحب ونعبد إله ولا نعاين ونتمتع بوجوده معنا وبيننا.
الإثبات على ألوهية المسيح:
الاثبات الاول: أهم إثبات لحقيقة أن المسيح هو الله الظاهر في الجسد هو في قصة شفاء المفلوج والذي قال له المسيح أولا مغفورة لك خطاياكً واعترض اليهود على ذلك لأن مغفرة الخطايا لا يقدر عليها الا الله ولكنه اجاب أيهما أيسر ولكن لكي تؤمنوا أني قادر علي مغفرة الخطايا اَي أني انا الله الظاهر في الجسد؛ لك أقول قم احمل سريرك وأمشي.
الاثبات الثاني: المعجزات التي عملها وكلها لم تكن في الخفاء أو في السر وإنما شاهدها الألوف ومنها إشباع الجموع، وشفاءالمرضي، وقيامة الأموات، وسلطانه على الطبيعة وعددها لا يمكن حصره وقد أتي بها المسيح وقال: لكي تؤمنوا أني انا هو. اَي انه هو الله الظاهر في جسد الإنسان.
الاثبات الثالث: انه قالها صريحة لتلاميذه من راني فقد رأي الأب، انا في الأب والأب في وهذا بعد أن سأله فيلبس يا سيد ارنا الأب وكفانا فأجابه: أنا معكم زمان هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي راني فقد رأي الأب فكيف تقول انت: أرنا الأب الست تؤمن أني انا في الأب والأب في ... وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها.
الاثبات الرابع: جميع تلاميذه الذين أنكروه ولعنوه وقت القبض عليه ومحاكمته وصلبه لما شهدوا قوة قيامته والتقوه انطلقوا وبشروا بما عرفوه وعاينوه وشاهدوه ليس فقط هذا فقط بل استشهدوا جميعهم ومعهم بولس الرسول - و الذي لم يقابل المسيح الا بعد قيامته من الأموات وهو في الطريق الى دمشق - ومن اجل شهادتهم جميعا له بانه الله الظاهر في جسد الإنسان،استشهدوا جميعا فيما عدا القديس يوحنا - الذي مات شيخا - فهل يموت جميع التلاميذ ومعهم بولس من اجل ايمانا باطلا وحتى لم يتلقوا عن استشهادهم هذا أي مكافأة ارضية بل علىالعكس تماما فقد تركوا بيوتا وإخوة وأباء وأبناء من اجل هذه الشهادة أنه الله الذي ظهر في الجسد ليقدم نفسه فداءا عن خطايانا، ونلاحظ أيضا أن يهوذا الذي أسلمه أحس بجرمه فمضي وندم وشنق نفسه.
كيف سنعاين الله في الملكوت في المستقبل؟
هذا سؤال هام جدا: في صورة المسيح فالملاكين قالا لتلاميذه وقت صعود المسيح إلى السموات: أيها الرجال الجليلين ما بالكم واقفون تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء أي في نفس الصورة. صورة يسوع المسيح، وقال المسيح انا ذاهب لأعد لكم مكانا فحيث اكون انا تكونون انتم أيضا أي سنكون مع المسيح في الملكوت لأنه من غير المقبول ان نعيش في ملكوت الله دون ان نعاين ونشعر بوجود الله.
الحقيقة أن الإنسان رأي الله في المسيح عند تجسده، وعند عودته سيكون أيضا في صورة المسيح، وعندما سننتقل ونرحل من هذه الحياة لنسكن معه في الملكوت سنراه أيضا في صورة المسيح، ويؤكد على ذلك معلمنا بولس الرسول بقوله: لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا. أي اننا سنكون مع وسنعاين الله الظاهر في الجسد أي مع المسيح.
فمن محبة الله للإنسان أن الله حل بيننا وصار مثلنا في صورة المسيح، وسيعود للقائنا في صورة المسيح، وسنلقي ونعيش مع المسيح في ملكوت الله الذي هو صورة الله التي سوف يراها كل المختارون من البشر ليسكنوا معه ونكون له شعبا ويكون لنا إلهنشعر به ونراه ونملك معه كأبناء فأي امتياز هذا.
هذه هي حقيقة الإيمان المسيحي أن المسيح اَي الله الظاهر في الجسد قد ظهر للإنسان وسيلاقيه المسيح عند مجيئه الثاني وسيكون المسيح معنا والى الأبد في الملكوت السماوي.