منسي موريس يكتب: لماذا يكره أغلب رجال الدين الموسيقى؟
تعلمنا من أغلب رجال الدين أن الموسيقى لاتليق بالمؤمنين لأنها تُحرك الأجساد لا الأرواح وكل موسيقى خارجة عن نطاق العبادة والألحان والطقوس يستغلها الشيطان لتضليل عواطف الإنسان فتشوهت في أذهاننا المعانى الجميلة الراقية حتى إحتقرنا مشاعرنا وعواطفنا الصادقة والنبيلة بأسم الدين وبأسم المقدس ويالها من مفارقة عجيبة أن تتحول الرسالة المسيحية التي في جوهرها إنسانية تؤمن بتجارب الإنسان الروحية العميقة على أيدي هؤلاء إلى رسالة جافة تُفسد الوجدان والحس والروح والباطن ، نعم إن هؤلاء بطريقتهم هذه أفسدوا كل معانى الحب والعاطفة التي تُميز الإنسان عن بقية الكائنات صار الحب بالنسبة لهم بتعبيراته الدافئة نجاسة ووقاحة وانحراف وصارت الموسيقى التي تُعبرعن دواخل الإنسان بافراحه وأشجانه وأحزانه ومرراته بالنسبة لهم هدم وخراب وهلاك ، إنهم قلبوا المفاهيم وصدقوا كذبة إبليس الكبرى أن الإنسان لا روح فيه لكنه مجرد موجود من ضمن الموجودات نعم الشيطان لايؤمن بإنسانية الإنسان ولايؤمن بحقوقه وبأصله أنه مخلوق على صورة الإله الصورة التي تميل إلى عالم الجمال والحب والإدراك والمعانى الأدبية الخالدة ، ولايمكن فصل الإنسان عن روحه ومشاعره وعواطفه لأنه لو حدث هذا لن يصبح الإنسان هو الإنسان هؤلاء يُريدون فصل الإنسان عن ذاته وروحه ثم في نهاية المطاف هم الذين يشرعون لنا كل ما هو لاهوتى يخص العبادة والفكر والواقع ! تخيلوا أي لاهوت يمكن أن ينتجوه هؤلاء ؟ هل تتوقعون أنه سيكون لاهوت إنسانى يؤمن بعالم الإنسان الداخلى؟ هل تتوقعون أن هؤلاء سينتجون لاهوتاً يتفهم معاناة الإنسان وقضاياه ومشكلاته ؟ إذا كان لاهوتهم أصلاً مبنى على اللا إنسانى فكيف يكون لاهوتهم إنسانى؟ إنهم لايعرفون أن تاريخ الإنسان مقترن بالدين والفن وأن الفن قديم قدم الدين وهذا يبرهن على أن الفن يُجسد معانى الإنسان الروحية وأن الإنسان الذى لا يميل إلى الفنون قطعاً لن تجده إنساناً مبدعاً لن تتوقع منه أن يكون روائياً أو كاتباً أو حتى عالماً لأن كل هذه المواهب هي في الأصل فن وإبداع وخلق ، إنهم لا يعرفون لماذا تلجأ الناس لسماع الأغانى أكثر من ألحانهم والسبب ببساطة أن الأغانى تُعبر عن تجاربهم وأمنياتهم ومعاناتهم ويجدون فيها ما لايجدونه في ألحانهم وطقوسهم وعبادتهم التي هي بالفعل بعيد كل البعد عن واقعهم الداخلى والخارجى المُعاش والملموس ، يبدو أنهم لا يعرفون قيثارة داود ولا نشيد الأناشيد ولا قصص الحب في الكتاب المقدس ولا وصايا " السيد المسيح " عن الزواج والحب " إنهم يعرفون فقط الطقوس وترديد الألحان والتكرار والتكرار والتكرار لكنهم لايعلمون أن للقلب منطق آخر وأن الوجدان حالة وتجربة ، إنهم لايحبون الموسيقى والفن والحب لأنهم لم يختبروا كل هذه المعانى الإنسانية .