A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

هل ستواجه مصر جفافا مائيا؟

بعد توقيع جنوب السودان.. ما خيارات القاهرة أمام اتفاقية عنتيبي؟

تقرير: إيهاب أدونيا

لم تعلق مصر رسميا حتى الآن على قيام دولة جنوب السودان بالمصادقة رسميا على اتفاقية عنتيبي الإطارية لدول حوض النيل، لتُصبح الدولة السادسة التي تُقرّ بالاتفاقية، مما يُتيح المجال لتأسيس "مفوضية حوض النيل" خلال 60 يوما.

وتمثل هذه المصادقة مفاجأة لمراقبين، لأن مصر اعتادت الوقوف إلى جانب دولة جنوب السودان، كما تقيم العديد من المشاريع وتقدم مساعدات للدولة الناشئة حديثا، وهو ما دعا معلقين للقول إن مصر -بصمتها الرسمي- لا تريد أن توصد الباب تماما مع جنوب السودان بتصريحات قد تنهي ما تبقى من حسن العلاقات.

ورفض مسؤولون بالخارجية المصرية التعليق على خطوة جنوب السودان، رغم إبداء مسؤولين سابقين القلق من الاتفاقية، التي تُعارضها مصر والسودان بشدة، خوفا من إعادة توزيع حصص المياه بشكل غير عادل يُهدد الأمن المائي للبلدين.

وبحسب بيانات رسمية، يتلخص موقف مصر الرسمي في التأكيد على تمسك مصر بحصصها التاريخية في مياه النيل، المُقررة باتفاقيات 1902 و1929 و1959، وتُطالب باتفاق ملزم قانونيا يُنظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، الذي تعتبره مصر تهديدا مباشرا لمواردها المائية، مما يجعل من انضمام جنوب السودان لـ"عنتيبي" مدعاة لمزيد من المخاوف تتلخص في الآتي:

فقدان الحصص التاريخية، سيطرة دول المنبع، احتمال إقامة مشروعات مائية جديدة على طول النيل دون علم أو موافقة من قبل مصر.

يقدم وزير الموارد المائية والري السابق محمد نصر الدين علام تفسيرا لإقدام جنوب السودان على هذه الخطوة، رغم علاقاتها الجيدة بمصر، مفاده أن "هناك دورا واضحا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وإثيوبيا وأطراف إقليمية ودولية في دفع جنوب السودان لهذه الخطوة".

ويطالب علام بموقف مصري واضح، لا سيما أن "الرغبة في حصار مصر وتجويعها وتعطيش شعبها أمر لا تخطئه عين"، بحسب قوله.

ولفت إلى أن مساعي إثيوبيا وحلفائها لـ"تسريع تصديق دول حوض النيل على الاتفاقية" يهدف إلى "شرعنة سد النهضة وتفريغ الاعتراضات المصرية والسودانية على السد ومطالبتها باتفاق قانوني ملزم من مضمونه".

ومن ثم "تكريس رأي عام عالمي داعم لحق إثيوبيا في بناء السدود على النهر دون العودة إلى مصر والسودان، فضلا عن تحقيق هدف إستراتيجي متمثل في إفشال السد العالي وإخراجه من الخدمة"، وحذر علام من أن مصر "لن تسمح بمرور هذه المؤامرات"، رغم تأكيده أن توقيع الدول العشر لا يلزم مصر بأي شيء.

اعتبر أنه «لا يوجد تأثير مباشر بسبب تصديق جنوب السودان على اتفاقية مفوضية حوض النيل»، وقال إن «عضوية (جوبا)، لا يعني دخول الاتفاقية حيز النفاذ، إذ تشترط بنود الاتفاقية موافقة ثلثي الأعضاء (7 دول)، وحتى الآن لم يصدق عليها سوى 6 دول».

وحذّر وزير الري المصري الأسبق، من مخاطر اتفاقية «عنتيبي»، وقال إنها «تثير القلق بالنسبة لحقوق مصر المائية»، عادّاً الاتفاقية ضد «مبادرة حوض النيل الموقعة عام 1999 التي تشترط الموافقة (بالإجماع)، على أي قرارات ومشروعات تتم إقامتها على حوض نهر النيل»، وأشار في الوقت نفسه إلى تحديات الموارد المائية بمصر، بعد انخفاض نصيب الفرد إلى «نصف حد الفقر المائي (500 متر مكعب سنوياً)»، وقال «إن غالبية حصة مصر يتم استخدامها في الزراعة، ومشروعات الأمن الغذائي».

وبين انتقاده إبعاد القضية عن الرأي العام، وإبقاءها تحت رعاية أجهزة الدولة فقط، يرى علام أن القاهرة التي لجأت سابقا لمؤسسات دولية لإدانة الإجراءات الأحادية فيما يتعلق بسد النهضة، تحتاج إلى "التفكير خارج الصندوق هذه المرة".

ويضع في مقدمة ذلك حسب قوله "الرهان على إجراءات خشنة يجب على مؤسسات الدولة القيام بها سريعا، لأن مصالحها العليا في خطر بالغ، في ظل ضغوط على مصر لتغيير مواقفها تجاه قضايا رئيسية بالمنطقة".

ويعود الجدل حول الاتفاقية إلى عام 2010، حين قادت إثيوبيا حملة بين دول حوض النيل (11 دولة)، للموافقة على «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل» التي تُنهي الحصص التاريخية لمصر والسودان المقررة في اتفاقيات المياه مع دول حوض النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان)، كما تفتح الباب لإعادة تقسيم المياه بين دول الحوض وفقاً لمبدأ (الإنصاف)، ما يعني حسب إسهام كل منها.

وأقرت الاتفاقية 5 من دول منابع نهر النيل، وهي (إثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا)، ويتطلب دخولها حيز التنفيذ، تصديق ثلثي الدول المشاركة فيها، في حين رفضت دولتا المصب مصر والسودان الموافقة على الاتفاقية.

وقامت رئيسة المجلس التشريعي الوطني الانتقالي بجنوب السودان (البرلمان)، جيما نونو كومبا، بتسليم رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، 4 مشاريع قوانين للتوقيع عليها، بينها «اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل».

من جانبه اعتبر نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، انضمام جنوب السودان، لاتفاقية «عنتيبي»، «يدعم قرب دخول الاتفاقية حيز النفاذ»، وقال إن «الموقف المصري رافض للاتفاقية منذ الإعلان عنها»، مشيراً إلى أن «المطالب المصرية تتضمن ضرورة اتخاذ القرارات بالإجماع، وأن يجري الإخطار المسبق لأي مشروعات على نهر النيل، حتى لا يحدث تأثير على حقوق دول المصب المائية».

وتساءل حليمة، حول سبب توقيت تصديق جنوب السودان على الاتفاقية، وأعاد ذلك إلى «ضغوط إقليمية ودولية تستهدف التأثير على مصر»، وأشار إلى أن «مصر لا بد أن يكون لها موقف تجاه أي تحرك يؤثر على مصالحها وحقوقها المائية»، معتبراً عدم تصديق مصر على الاتفاقية «يعطي لها الفرصة لاتخاذ إجراءات عند حدوث أي ضرر عليها».

بينما قلل عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، يحيى الكدواني، من أثر تصديق جنوب السودان على الاتفاقية، ووفق الكدواني، فإن «الاتفاقية تكاد تكون معدومة، وغير قابلة للتنفيذ لصعوبات أخرى»، وأشار في الوقت نفسه إلى أن «العلاقات المصرية مع جنوب السودان وطيدة، وهناك مشروعات تعاون مختلفة معها».

وفي نهاية يونيو الماضي، افتتح وزير الري المصري هاني سويلم، عدداً من المشروعات المائية في جنوب السودان، منها مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية، ومشروع تطهير بحر الغزال من الحشائش المائية، وعدد من آبار المياه الجوفية، كما سلّم حكومة الجنوب، 4 طائرات مساعدات إنسانية مقدمة من مصر.

واعتبر أن «المواقف الخاصة بالاتفاقية، تحركها قوى وأطراف تدعو لتقليص حصة مصر المائية من مياه النيل»، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات تأتي «ضمن سياسة تتبعها قوى تعادي مصر، وتحاول أن تضغط على دول أخرى، للتأثير على الأمن القومي المصري وأمنها المائي».

اتفاقية "عنتيبي" هي الاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها دول المنبع في حوض النيل، بينما اعترضت عليها دولتي المصب مصر والسودان، لأنها تنهي ما يسمى بالحصص التاريخية لمصر والسودان في مياه النيل.

وأثارت الاتفاقية جدلاً كبيراً وتسببت في خلافات بين دول حوض النيل التي وقف أغلبهم بجانب اثيوبيا التي تتبنى الاتفاقية، بدعوى أن حصة مصر التاريخية مجحفة لباقي دول حوض النيل ولابد من مراجعتها وإعادة تقسيم مياه النيل