6 قضايا على مائدة قمة العشرين 2024 محمد صلاح عايش بكتالوجه عودة شركة النصر للسيارات المصرية للعمل من جديد ”أوروبا” إلى الجحيم‎ بالحق تقول معنى حُريَّة المرأة أسطورة الملك الإله‎ أنا طفل وعمري خمسة وثمانون عاماً! (2) قدّم سيرتك الذاتية لتأكلها.. أغلى وجبة في البلاد تثير ضجة منع استخدام كلمة التنمر في المدارس استثمار 100 مليار دولار في مجال الذكاء الاصطناعي تطوير أول حارس إنقاذ بالذكاء الاصطناعي في الأنهار

”اقتصاد حرب”... ضرورة ام اختيار؟(2)

متى شهدت مصر اقتصاد الحرب؟.. وما هى التحديات؟ و الاثار المترتبة على ذلك؟

تحقيق: إيهاب أدونيا

في ظل تفاقم الأزمات الإقليمية وتأثيرها على مستقبل المنطقة، وتزايد التوترات السياسية، تحدث رئيس الحكومة مصطفى مدبولي عن مرحلة جديدة قد تفرض على مصر معادلة غير مألوفة. مع تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، تبرز ملامح ما يُعرف بـ”اقتصاد الحرب”، الذي يعني توجيه الدولة لمواردها نحو الحفاظ على استقرارها وبقائها، بدلاً من السعي وراء النمو والازدهار.

عالية المهدي تستبعد «اقتصاد حرب»: مناطق النزاع غير مرتبطة بسلاسل الإمداد

قالت الدكتورة عالية المهدى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إنه من المستبعد وغير المنطقي أن تتحول مصر لـ«اقتصاد حرب»، حتى في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بالمنطقة.

وأضافت إن الحكومة المصرية ليست بحاجة لتطبيق اقتصاد الحرب الآن، فالحرب دائرة في غزة منذ عام كامل، ومنذ أشهر في لبنان، ومصر ليست طرفًا في هذه الحروب، وإن كان هناك تأثيرات على بعض القطاعات، ولكنها لا يمكن أن تحول مصر إلى اقتصاد حرب.

وأوضحت أن الظروف الحالية لا تستدعي تحول الوضع لـ«اقتصاد حرب»، وتفاقم الأوضاع قد يؤثر على بعض السلع فقط، مضيفة:«دول الحروب الحالية ليست جزء من سلاسل الإمداد الهامة عالميًا، ومعظم الواردات المصرية من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد حرب في مصر، بل يمكن الحديث عن اقتصاد تقشفي خلال السنة الحالية أو القادمة».

ولفتت إلى أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء عن اقتصاد الحرب، تؤثر بشكل غير إيجابي، على الاستثمارات والسياحة والاستثمار الداخلي، وكان الأولى الحديث عن سياسة تقشفية مطلوبة الفترة المقبلة، وهذا هو الصواب والمقبول.

خسائر 1.2 مليار دولار في البورصة بعد تصريحات عن "اقتصاد الحرب"

حققت البورصة المصرية خسائر سوقية بلغت 60 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) خلال جلستي ما بعد التصريحات، تزامنًا مع التوترات الجوسياسية في المنطقة، مما دفع المستثمرين الأجانب للبيع، قبل أن تسترد البورصة جزءًا من خسائرها بقيمة 17 مليار جنيه (349.8 مليون دولار) ، مدفوعة بإبقاء مؤسسة فوتسي راسل على بورصة مصر ضمن فئة الأسواق الناشئة الثانوية.

وقبل هذه الخسائر، صرّح رئيس مجلس الوزراء خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي، بأن الحكومة تضع سيناريوهات متعددة للتعامل مع التطورات في الوضع الإقليمي، التي تؤثر بصورة مباشرة على الاقتصاد المصري، مستشهدًا بزيادة سعر برميل البترول بنسبة 10% خلال أسبوع واحد فقط ليتجاوز سعره 80 دولارًا بعد التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة.

قال العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، محمد حسن، إن البورصة المصرية شهدت تراجعات حادة في أداء المؤشرات الرئيسية وخسائر سوقية ضخمة خلال الجلسات المتلاحقة للتصريح، بعد تصريحات رئيس مدبولي بشأن احتمالية تطبيق "اقتصاد حرب" حال تفاقم الأوضاع في المنطقة.

كما اعتبر حسن أن التوترات الجيوسياسية أثرت سلبًا على خروج استثمارات أجنبية من سوق المال المصرية خلال الفترة الماضية، على نحو انعكس على تراجع أداء عدد كبير من الأسهم، وتلاها عمليات بيع "عنيفة" بسبب البيع الاضطراري للأسهم، المعروف باسم "مارجن كول"، مما فاقم خسائر البورصة.

وحسب التقرير الأسبوعي للبورصة المصرية، سجّل المستثمرون العرب والأجانب صافي بيع بقيمة تجاوزت مليار جنيه (21 مليون دولار)، واستحوذوا على نسبة 14.4% من إجمالي التعاملات على الأسهم المقيدة خلال الأسبوع الماضي.

نبذة تاريخية عن مصطلح "اقتصاد الحرب"

ظهر مصطلح اقتصاد الحرب لأول مرة خلال الحرب الأهلية الأمريكية ما بين عامي 1861 و1865، ثم برز مجددا مع الحرب العالمية الثانية عندما أشار الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفلت في أحد خطاباته إلى ضرورة التحول إلى اقتصاد حرب في حال انتصار دول المحور.

وتعتبر الولايات المتحدة من بين أكثر الدول التي طبقت مفهوم اقتصاد الحرب خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وحرب فيتنام.

وتعدُّ ألمانيا القيصرية خلال الحرب العالمية الأولى نموذجًا مبكرًا لاقتصاد الحرب، إذ لعبت الدولة دورًا تنظيميًا للحياة الاقتصادية في البلاد، يتيح لها وضع أولويات محل أخرى باسم الأمن القومي أو الأهداف الاستراتيجية العليا.

وفي أعقاب تلك الحرب، تبنَّى جوزيف ستالين في الاتحاد السوفيتي نموذجًا مشابهًا، للتعامل مع العزلة التي فُرضت عليه بعد الثورة الشيوعية، ليصبح أول نموذج لاقتصاد تملك فيه الدولة أدوات الإنتاج، بما أتاح تبني سياسات تهدف إلى تعظيم الاعتماد على الذات من ناحية، والدفع في اتجاه التصنيع الثقيل من ناحية أخرى.

ويعني اقتصاد الحرب تحويل الاقتصاد الوطني بشكل كامل أو جزء منه لخدمة المجهود الحربي وتوفير احتياجات القوات المسلحة وما تتطلبه لخوض المعارك العسكرية وكذلك الدفاع عن البلاد.

ويعتمد اقتصاد الحرب على مجموعة من القوانين التي تتيح للدولة السيطرة على كافة الموارد وتلزم المصانع بتطبيق تغييرات جوهرية لتحقيق الأهداف وتحقيق التوازن بين الاحتياجات العامة للدولة بما فيها الاحتياجات العسكرية، وتشمل أيضا تغييرات جوهرية بما فيها الضرائب.

وقد طبقت مصر اقتصاد الحرب قبل نحو 57 عاما وتحديدا في الفترة من 1967 وحتى 1973، عندما أعلن الدكتور عزيز صدقي رئيس الوزراء وقتها عن "ميزانية المعركة" التي جاءت بهدف تعبئة الاقتصاد وتنظيمه خلال فترة الحرب، بهدف توفير جميع احتياجات القوات المسلحة خلال فترة الحرب وتمويل المتطلبات الناتجة عنها.

وخلال ميزانية الحرب كان المقرر أن تعد الحكومة خطة للتصدير والاستيراد لضمان توفير الدولار مع التركيز على الاستيراد من الدول العربية والصديقة، مع العمل على إحلال المنتجات المحلية كبديل للمنتجات المستوردة، الأمر الذي يسهم في تعزيز الصناعة الوطنية وتقليل الاعتماد على الخارج.

إجراءات شبيهة باقتصاد الحرب

وان كان التعبر قد خان رئيس الوزراء فهذا لا يمنع ان مصر دولة محورية في المنطقة المشتعلة حاليا بالشرق الأوسط، وأي تداعيات تؤثر عليها سياسيا واقتصاديا.

وانه إذا ساءت الأوضاع أكثر من ذلك واتسعت رقعة الحرب الإقليمية بالمنطقة فإن مصر قد تضطر لاتخاذ إجراءات شبيهة بتلك التي يتم اتخاذها وقت الحرب نظرا لأن اقتصادها ليس في وضع جيد، خاصة مع تضرر مواردها الرئيسية كقناة السويس وانخفاض إيرادات السياحة وتراجع الاستثمار المباشر.

من ضمن الإجراءات التي قد تتخذها مصر وقف الاستيراد من الخارج للحفاظ على النقد الأجنبي، والاعتماد على الإنتاج المحلي، واستخدام احتياطات الذهب في توفير الاحتياجات الأساسية، والعمل على وقف انخفاض الجنيه، وإصدار قوانين وقرارات خاصة بهذه الفترة.

إن مصر ليست في حاجة ماسة حاليا للدخول في اقتصاد الحرب بمعناه الحرفي لأنها ليست مهددة بالدخول في حرب كما أنها ليست في عداء مع إسرائيل التي تخوض حروبا مع دول قريبة من مصر". ولكن في حالة اتساع الحرب بالإقليم، ورغم عدم وجود مصر كطرف مباشر فيها، فإن اقتصادها سيتأثر بشدة ومن ثم يمكن أن تدخل مصر فيما يسمى اقتصاد الطوارئ أو الأزمات الكبرى.

اقتصاد الطوارىء يوجه فيه جزء من الاقتصاد للاحتياجات الدفاعية لأن البلاد ستكون في حالة تأهب لأي طوارئ عسكرية تنتج عن الحرب الدائرة في الإقليم، فضلا عن ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار وتقليل استهلاك أو منع استهلاك السلع الترفيهية لصالح السلع الأساسية.

مصر بالفعل منذ عدة سنوات تتخذ إجراءات اقتصادية صعبة نظرا لسوء الوضع الاقتصادي والإقليمي ولكن حتى الآن لم يتحقق ما يمكن وصفه باقتصاد الحرب الذي توجه فيه كل موارد الاقتصاد تقريبا للمجهود الحربي.

يعكس المصطلح تحولًا جذريًا في توجهات الاقتصاد الوطني، إذ يُعاد توجيه جزء كبير من موارد البلاد، أو كلها، لتلبية احتياجات الجيش. يشمل هذا التحول توفير كافة المستلزمات الضرورية لخوض المعارك وحماية الأمن القومي، بحيث تصبح الأولوية لتأمين السلع والخدمات اللازمة للمجهود الحربي.

ويعتمد هذا الاقتصاد على سن قوانين تُمكّن الدولة من السيطرة الشاملة على الموارد الوطنية، مع فرض تغييرات جوهرية في سياسات الإنتاج الصناعي ليتماشى مع الأهداف العسكرية، كما يتضمن فرض إجراءات ضريبية جديدة وتعديلات مالية؛ لضمان التوازن بين متطلبات الدولة العامة والاحتياجات العسكرية الطارئة.

باختصار، يُعتبر اقتصاد الحرب تحوّلًا استثنائيًا في مسار الدول، يجمع بين القوة الاقتصادية والعسكرية، ويوجه طاقات الأمة نحو مواجهة التحديات الوجودية التي تفرضها الصراعات الكبرى.

و السؤال: متى يشعر المصري بالامان الاقتصادي.. متى يشعر بالرخاء؟ فمصر شهدت منذ 2016 تطبيق إجراءات تقشفية شبيهة باقتصاد الحرب، إذ زادت نسبة الإنفاق العسكري وفرضت ضرائب كبيرة على المواطنين، بينما تستمر الحكومة في ترشيد الدعم وزيادة أسعار الوقود والخدمات، في المقابل، أشار إلى الى جانب أن الحكومة تنفق بسخاء على مشروعات لا تحقق فوائد ملموسة، وتغلق المصانع المتعثرة. وهل يتطلب تفعيل اقتصاد الحرب اليوم أن يتحمل المواطن المزيد من الأعباء ؟

فالمواطن المصري سواء كنا في اقتصاد حرب او ازمات طواريء اقتصادية او اجراءات تقفشية سيكون هو المحارب الصامت في هذه المعركة، إذ سيتحمل كل الأعباء الثقيلة وحده، مع ضبابية الموقف الاقتصادي المستقبلي

فالتضخم المتسارع، وتدهور القدرة الشرائية، مع فرض أعباء مالية جديدة، مثل. الضرائب والرسوم المتنوعة، يجعل من المشهد الحالي أقرب إلى اقتصاد الحرب، إذ يجد المواطن نفسه مضطرًا للتكيف مع واقع صعب يفرض عليه المزيد من التضحيات، وكأن المعركة لم تنته بعد، في حرب اكتوبر و ما سبقها من نكسة 1967، كان الهدف هو النصر العسكري، أما اليوم، فإن الصراع يدور حول البقاء الاقتصادي والاستمرارية في ظل ضغوط داخلية وخارجية تزداد تعقيدًا... فهل من رحيم يرحم استنزاف جيوب المصريين.