A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

كل ذهنية وحضراتكم بخير

ها هو عام ٢٠٢٤ طل برأسه منتظرا دوره في الظهور على مسرح هذه الحياة. أراك عزيزي القارئ مندهشا و مفكرا في اختياري لعنوان هذا المقال! لا... لم أخطئ في اختياري لكلمة ذهنية كعنوان لهذا المقال، ففي رأيي أن الذهنية هي التي تحدد موقفي من هذه السنة الجديدة، فها هي دعوة لك عزيزي القارئ لتبني ذهنية جديدة بدلا من روتينية البداية وتكرار حساب الأرباح والخسائر المتهالك سنويا. فما جدوى محاسبة النفس والاحتفاظ بنفس الذهنية؟

لا تزعج وترهق نفسك عزيزي، فالتوبة ليست عملا إنسانيا فقط. كذلك لا تنسى إننا نقرأ ونسمع بل وقد نعلم عن النعمة ونصدقها من الوجهة اللاهوتية الأكاديمية النظرية ولكننا لا نختبرها. بل والأدهى إننا نعظم دور الخطية في حياتنا ونؤلهها. لا تتعجب يا سيدي، فالخطية في بعض الأحيان تحتل مركز الصدارة في اغلب تعاليم بعض الأفراد في الكنيسة. وكأن حياة الإنسان تدور حول الوقوع أو النهوض من الخطية. أين ذهنية النعمة؟، والعطية المجانية الغافرة المحبة بلا قيود او حدود الممنوحة من الآب رأسا؟ متي تخترق النعمة مشاعرنا ونتخلص من عقدة الذنب التي تلازم اغلب الأشخاص لسنين طويلة؟ متي ندرك أننا بالنعمة مخلصون؟ (اف ٢: ). لماذا لا استطيع أن اغفر للآخر وإن غفرت له وقتيا لا استطيع ان أتمتع بديمومة هذا الغفران؟

لكي أجيب على هذه الأسئلة سأبدأ القصة من أولها. فالإنسان لم يرث خطية آدم بل ورث نتائجها. فالخطية هي مرض أصاب الإنسان بإرادته، وإن هذا الإنسان يحتاج إلى الشفاء. فما ذكره رب المجد يؤكد أن الخطاة مرضى يحتاجون إلى الشفاء. فقد قال "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مر ٢ : ١٧) . فقد مرضت البشرية بدخول الفساد والموت كنتيجة للخطية، واصبحنا نحتاج إلى الطبيب الحقيقي، الذي هو وحده، يستطيع أن يشفي الإنسان بتجديد طبيعته. وإن كنا نتحدث عن الخطية فالسؤال الآن : هل توبة الإنسان هي سبب غفران الله؟ أي هل عندما يتوب الإنسان ينال الغفران بعد توبته؟

للأسف إن ما تعلمناه يدعم هذه الفكرة!! فأغلب الناس تعتقد أن الله ينتظر توبتهم وانهم حينما يتوبون يقدم لهم الله الغفران كرد فعل لتوبتهم، والعكس صحيح، فلن ينال الإنسان غفرانا أبدا طالما انه لم يقدم توبة!!

للأسف هذا الفكر لا يمت للمسيحية بصلة، بل هو فكر دخيل نشأ وترعرع و وجد له مكانا بيننا. اذا أين الحقيقة؟

أولا: أن التوبة هي عمل الهي واستجابة بشرية. فالله هو البادئ بالدعوة، والبادئ بالحركة ناحية الإنسان داعيا له بالرجوع إليه، واهبا له نعمته الفائقة كعطية مجانية لكي يستطيع الإنسان أن يغير حياته وبغير اتجاهاته. فيقول الكتاب المقدس : "توبني يارب فأتوب" (ار ٣١: ١٨). فالله يتحرك نحو الإنسان وما على الإنسان إلا الاستجابة لهذه الحركة و لهذه المبادرة الإلهية، والدعوة تظل مستمرة من الله للإنسان حتي يقوم الإنسان بالاستجابة مقدما إرادته لله عن تصميم ووعي و ادراك حقيقي داخلي، مسنودا بنعمة الله المعطاة مجانا له من خلال الروح القدس الذي يمسك بيد الإنسان فيلقيه في الأحضان الإلهية، فيغرق الإنسان في بحر حب الله، وهنا تبدأ الحياة الجديدة، فيعمل الروح القدس كقائد لعملية تحرير الإنسان من كل شهواته، فيتجدد ذهن الإنسان و يتم الشفاء.

ثانيا: إن كان الله هو البادئ و المبادر، فكيف يكون الله في موضع رد الفعل، الذي ينتظر توبة الإنسان فيعطيه غفرانا؟

أبدا... إن الغفران ليس سببا لتوبة الإنسان، أي أن التوبة ليست سبباً للغفران!!! لان

غفران الله أزلي ابدى، غفران الله دائم لا بداية ولا نهاية له.

إذن التوبة لا تسبب الغفران، فلو كانت التوبة سبب للغفران لكان الغفران واقع تحت تأثير الزمن وتحت الشروط والمعطيات البشرية ولكان أيضا قابلاً للانكسار والتغيير، هذا الغفران ابدي أزلي، أي هذا الغفران قبل أن نولد وممتد للأبدية. فهو كالنهر الجاري، فحينما يتوب الإنسان يمد يده ويشرب من هذا النهر الجاري المعطي له مسبقا من قبل الله.

عزيزي القارئ ... غفرانك أخذته في المسيح وأعطي لك بالروح القدس، فتوبتك لا تسبب غفران الله بل توبتك تعطيك إمكانية رجوعك للتمتع بهذا الغفران. فغفران الله سبق توبة الإنسان !!

أخيرا : تمتع بهذا الغفران ، صدق انه مغفور لك كل خطاياك في دم المسيح فقط ولا شيئا آخر ! لا يوجد أي عمل ستقدمه سيعطيك هذا الغفران سوي قبول هذا الغفران وتصديقه ونبذ ذهنية استيفاء الديون. فليس عليك الآن ديون لتسديدها، حينئذ ستحرر من عقدة الذنب وستغفر لغيرك الذى بدوره لا يملك استيفاء ديونك. وها قد قبلت ذاتك وصدقت غفران المسيح فستقبل الآخر وتغفر له.

عزيزي القارئ... انها ذهنية الحرية في المسيح ، ذهنية النعمة ، ذهنية قبول وحب الآخر ، ذهنية اطلاق حركة النعمة والمحبة وكل ذهنية وحضراتكم بخير.