A Society Living in Fear is a Dying Society أسئلة وأجوبة عن ما يحدث في سوريا؟ ما شفناش م الجولاني حاجة وحشة! إسرائيل وتركيا: إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد ... القديم؟ الخوف والحياة احذروا الجولاني الــــ”كيوت”... التاريخ يعيد نفسه! ثقيلة هي ثياب الحملان! ... حلقة ١: مكالمة هاتفية!! نحنُ.. والفِكرُ الجمعي الأفقي وبدأت عملية ”السوط الجارف”‎ روح الروح!! كاتدرائية نوتردام تستعيد بريقها بعد 5 سنوات من الحريق للمرة الأولى.. بابا الفاتيكان يقود سيارة كهربائية بلا انبعاثات

دعوة للتفكير المنطقي

صرخ قائلا: لكنه مهرطق!! وكالعادة، أقوم بسؤاله الاسئلة المعتادة، وما هي الهرطقة التي علم بها؟ وأين كتبت أو قيلت؟ وما رد الكنيسة؟ ولماذا لم تحرمه الكنيسة لانه على حد تعبيرك "مهرطق"!! فيصمت و يكمل الحوار بنظرات عينيه و الغضب يكون سيد الموقف لانه خسر المباراة. هذا هو الحوار الذي يثير الغثيان في كل مرة أذكر فيها الأب متي المسكين. وكأني أرى مرة اخرى قاتل فرج فودة، الذي قتله لأنهم قالوا له أنه كافر ويجب أن يقتله، وهو لا يعلم عنه شيئا. فهم ايضا من قالوا له ان الأب متي مهرطق و هو ايضا لا يعلم عنه شيئا !!

لست من هواة مدح الاشخاص او التغني بسيرتهم حتى ولو كانوا من القديسين، لأن كل إنسان له ما له وعليه ما عليه. فلن أقنعك عزيزي القارئ بصحة تعليم ولاهوت الأب متى المسكين فهذا ليس هدفي. بل سأدعوك أن تتخلى لحيظة عن مبدأ الأحادية الفكرية، وتفكر معي بشكل منطقي فيما قدمه هذا الأب العظيم للكنيسة، خصوصا أننا نحتفل بتذكار نياحته هذا الشهر. فأغلب الرافضين لكتاباته هم ضحايا هذه الأحادية الفكرية، كما إنهم يخسرون الكثير.

لقد كانت كتابات الأب متى، بمثابة النافذة التي فتحت على العالم اللاهوتي الشرقي الابائي الأصيل، وذلك بعد فترة من العقم اللاهوتي والروحي الذي أصاب المكتبة اللاهوتية لكنيسة الإسكندرية لمدة طويلة. قام الأب متي بإثراء المكتبة بمؤلفاته التي تعد مرجعا لاهوتيا يتم تدريسه في كليات اللاهوت !! وقد أعددت بحثا عنه، في إحدى كورسات الماجيستير، وذلك بناء على طلب أحد الأساتذة (الذي يتبع الكنيسة الروسية)، الذي قال لي يومها: أكتب عن هذا الرجل لأنه للآسف، أغلب الأقباط لا يعرفون قيمته الحقيقية.

لقد استعاد الأب متي، بكتاباته، أهمية الروح القدس وعمله داخل النفس، وذلك في الوقت الذي كان من يتحدث عن الروح القدس يتهم بالهرطقة!!

فيقول في إحدى كتبه: أعظم عطايا الآب والابن، هو المُعزِّي الروح القدس. ولماذا يكون الروح القدس هو أعظم العطايا؟ لأنه واحد مع الآب والابن. وكأنه بالضرورة الحتمية، أنه بعد أن أرسل الله ابنه إلى العالم الذي صار الوسيط الأعظم بين الله والإنسان (1تي 2: 5)، أن تقدَّم الابن بواسطة دالَّته العُظمى لدى الآب وقُرْبه الشديد بالإنسان، وطلب من الآب أن يُرسل هذا المعزِّي الأعظم من عند الآب، ليكون الإنسان بالنهاية ذا صلة حياتية وكيانية بالآب والابن والروح القدس، حيث لا غِنَى قط عن أيِّ واحد منهم لأنهم واحد. بعد ذلك مباشرةً استعلَن لنا يسوع المسيح أعظم أسرار الآب والابن والروح القدس بأنْ قال: «أنا في أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم» (يو 14: 20).

وهكذا استعلَن بصورة سرِّية للغاية وحدة الآب والابن ثم وحدتنا في الآب والابن، وطبعاً وبالضرورة، فإن عامل الوحدة السرِّي للغاية هو الروح القدس، فهو الذي يُوحِّدنا في المسيح والآب. هذه الوحدة التي نالها الإنسان، مَدْخلُها الابن الذي أخذ جسده بالروح القدس من العذراء مريم. ونحن نجد الابن يربط حفظ وصاياه والإيمان به، كشرطٍ للدخول في الابن، ودخول الابن فينا، وبالتالي الروح القدس الذي طلبه المسيح علناً من الآب لأجلنا كشخصٍ قائمٍ بذاته، يمكث معنا ويكون فينا (يو 14: 17). فهو يمكث معنا بأن يكون رفيقاً وقائد الطريق، والطريق هو هو الرب يسوع، ويكون فينا بأن يُحيينا مع الآب والابن. وأسماه المسيح ”مُعزِّياً آخر“ نظراً لأنه هو - أي المسيح - هو المعزِّي الأول للإنسان.

وهذا السرُّ الذي نكشفه الآن ونستعلنه: أي أنَّ الابن في الآب، ونحن في الابن، والابن فينا (يو 14: 20)؛ هو أعظم أسرار اللاهوت، نقْرُبه برهبة وهيبة وانفتاح إيمان، بقلب خاشع ونفس منحنية، لنقبلَ هذه الحقيقة التي هي حقيقة الحقائق في اللاهوت المسيحي.

ونقول ذلك للقارئ، ليقْبَلَ نصيبه وميراثه الأبدي في الآب والابن والروح القدس، وهو السرُّ القائم في المعمودية المقدسة، التي نتقبَّل فيها ميلادنا الروحي الإلهي في الآب والابن والروح القدس. فالمسيح لم يتركنا يتامَى لما صعد إلى السماء للمرة الأخيرة، فسلَّمنا لمُعزٍّ آخر يملؤنا ملئاً، يُعلِّمنا الحق الإلهي، ويقودنا في الطريق الذي أسَّسه المسيح بجسده على الصليب، ويفتتح فينا حياةً هي حياة المسيح، لنصير واحداً فيه وهو فينا، تأكيداً أبديّاً لخلاصنا وتوريثاً لنا في كل مخصصات الابن ومجده. والحقيقة الأخرى التي علينا أن نستعلنها للقارئ أنَّ الآب نفسه تبنَّانا، فصار هو أبانا الأقدس (كتاب: ”مع المسيح“، جزء 2، 24 يوليو 2005م).

هذا هو الأب متي المسكين، الذي قال المطران جورج خضر، مطران كنيسة الروم الأرثوذكس، عن كتابات الأب متي، أنه "لأول مرة يتتلمذ الروم على كتاب قبطي"، وذلك بفضل كتاب حياة الصلاة للأب متي المسكين. ( راجع مقدمة الكتاب صفحة ٩ ). فحينما أقرأ هذا، وأسمع آراء المثقفين ودارسي اللاهوت عن دور الأب متي في احياء اللاهوت الابائي لكنيسة الإسكندرية، أنفجر ضاحكا لأني أتذكر صديقي الغاضب الذي مازال يصرخ: إنه مهرطق!!