مَنْ نعبد؟!
اختبروا انفسكم أو امتحنوا إيمانكم، سؤال يبدو بسيط أو بالأحرى يبدو انه يضع ثقل على كاهلنا ولكن هذا السؤال هو بمثابة المفتاح لحياتنا اليومية العملية هذا السؤال سأله بولس الرسول إلي أهل كنيسة كورنثوس ومازال هذا السؤال يلح على الجميع سواء كنت خادم أو شخص عادي من شعب كنيسة الله، و هذا السؤال يلوح في الأفق أكثر عندما نمر نحن أو أحد أقاربنا في ضيقة أو في مرض أو أزمة مالية...الخ.
يقول بولس الرسول جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإِيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنْفُسَكُمْ، أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ فِيكُمْ، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مَرْفُوضِينَ؟ (٢ كورنثوس ١٣: ٥)، يتميز أسلوب رسول الأمم بولس، بالعمق في كل رسائله فهنا نستطيع أن نقرا ونستنبط المعني الحقيقي إذ آخذنا الآية بالعكس، وهذا الأسلوب في التعليم غالباً يتماشى مع معظم آيات الكتاب المقدس.
إذ كنت تمر بتجربة ما أو اختبار أو امتحان إيمان، أي كان المسمى فلك أن تجلس في هدوء في المكان المناسب إلا وهو عند أرجل السيد يسوع، ولا تضع عينيك في الأرض منكسا الراس كلا بل كلما تنظر وتطيل النظر في عينيه، بالمعنى الروحي، ستدخل في مرحلة وحالة روحية، لا أستطيع أن أخبرك هنا بكل إبعادها الروحية ولكن كل ما أستطيع أن أقوله إنك ستجد سلام يسوع لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، (أفسس ٢: ١٤)
يقول بولس في الآية الافتتاحية "أم لستم تعرفون أنفسكم، أن يسوع المسيح فيكم، هنا هو بيت القصيد والمفتاح الذي بيدك أنت عزيزي القارئ المتألم والمريض ومتضايق النفس، هل أنت تدرك موقعك من يسوع المسيح، هل أنت مدرك إنه فيك أم تعبد إله لا يشعر ولا يتكلم ولا يبالي بآلام البشر؟!
وإن كان يسوع المسيح فيك؟! هل لك هذا الإيمان إنك لست مرفوض أو منبوذ أو مغضوب عليك أو مؤمن درجة ثانية أو علماني!! .... إلى آخر هذه السفسطة، هل لك إيمان إن يسوع المسيح الذي فيك هو إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وهو أيضا إله دانيال وإله أيوب، بل هو إله العهد الجديد الذي قدم لك حياته لتحيا بها، هنا سيلوح في الأفق سؤال سالة جدعون في القديم فَقَالَ لَهُ جِدْعُونُ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي، إِذَا كَانَ الرَّبُّ مَعَنَا فَلِمَاذَا أَصَابَتْنَا كُلُّ هذِهِ؟ وَأَيْنَ كُلُّ عَجَائِبِهِ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا آبَاؤُنَا قَائِلِينَ: أَلَمْ يُصْعِدْنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ؟ وَالآنَ قَدْ رَفَضَنَا الرَّبُّ وَجَعَلَنَا فِي كَفِّ مِدْيَانَ». (القضاة ٦: ١٣).
هنا لابد أن نتعرف على المعنى الحقيقي لكلمة الإيمان؟! وقبل أن أضع تعريف بسيط للإيمان أود أن أشير أن هنالك ركيزتين أساس الإيمان إلا وهما:
١- شخصية الله، وهنا بيت القصيد، كل منا لديه تصور معين عن الإله الذي يعبده ويصدقني القول إن اخذ كل منا ورقة وقلم ليكتب من هو الإله الذي يعبده لسوف نجد هناك مفارقات تكاد تصدمنا.
من هو الإله الذي تعبده؟! هل تستطيع أن تقول مع بولس الرسول الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، (أعمال الرسل ٢٧: ٢٣)
لقد حدث تشوه لشخصية الله في أذهاننا نتيجة عوامل كثيرة ليس هنا مجال لكي ما نخوض فيها بالتفصيل.
٢- الركيزة الثانية: هي الوعد أي كلمة الله، مع كامل الأسف حتي في التعليم داخل الكنيسة قسمنا بعض الآيات حسب الفئة أو الوظيفة وكأننا استخدمنا ووظفنا الله حسب مكانة كل شخص فهذه آية تخص الاكليروس و تلك آية تخص الشخص العادي واطلقنا علي الشخص العادي الذي ليس له وظيفة في الكنيسة، "علماني" ولا اعلم اصل هذه الكلمة ولكن اجزم إنها سبة وكأنك تصف هذا إنه ينتمي للعالم وليس للمسيح و هذا تصنيف لا أخلاقي وليس له سند كتابي على الإطلاق فكلنا في المسيح لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ (المتدين ) وَالْيُونَانِيِّ (الغير متدين ) ، لأَنَّ رَبًّا وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، غَنِيًّا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ.
لأَنَّ «كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ». (رومية ١٠: ١٢، ١٣)
تصنيف الآيات للبعض وتقسيم الكتاب المقدس حسب أمزجة البعض وحسب المصلحة الشخصية وتخصيص بعض الآيات للنخبة والبعض الآخر العامة كل هذا أدى الي هدم ركيزة أساسية من أساسيات الإيمان.
عزيزي القارئ أنت في المسيح يسوع، أنت هيكل للروح القدس، أنت سكنى الإله على الأرض، أنت لست علماني بل أنت روحي لان الروح القدس الذي حل كألسنة نار لم يحل على البعض ولم يستقر على البعض الآخر بل يقول سفر الأعمال "وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ". (أعمال الرسل ٢: ٣)