الدائرة

الرموز الهندسية هي من ابسط واعقد الرموز التي استخدمها الإنسان في تعاملاته واتصالاته والعلوم وزخارفه على الأسطح المتعددة المتنوعة الخامات. ففي الكيمياء تستخدم كرمز لبعض العناصر أو مشيرة الي تفاعل ما. فالذرة والبروتونات والإلكترونات جميعها ترسم كدوائر كما إنها تتحرك في دوائر. كذلك أيضا في رسوم تشريح النباتات تستخدم الدائرة لتعبر عن الجزيئات المختلفة المتنوعة لكل نبات.

فالرمز الهندسي هو ملخص للتخطيط الإنساني معلناً عن أفكاره ومعتقداته وما يدور في ذهنه ونفسه. والكهوف التي يطلق عليها كهوف العصر الحجري كانت تزخر بهذه الرسوم الخطية. حيث كان يسجل الإنسان معاركه وانتصاراته على القبائل الأخرى، وطرق صيد الحيوانات المتنوعة. كما إنك إذا عرضت علي طفل صغير أي نوع من الألوان أو الأقلام سوف في الحال يشخبط أي يخطط على أي سطح يقابله حتى جسمه.

فان الخط له معني خاص في الفن التشكيلي، حيث قد يعني كل نقطة متحركة تحصر شكلاً أو محيطاً خارجياً لجسم ما. فاذا ما تم رسم إنساناً فارداً كلاً من ذراعيه ورجليه فإنك إذا وضعت برجلاً في سرة هذا الشخص المرسوم، سوف تجد إنك رسمت دائرة هو مركزها وكلاً من يديه ورجليه أقطار الدائرة.

فالدائرة رمزاً يحمل معنى الأمان والأمن والاتحاد. فالجنين في بطن امه يتكور في دائرة. والمدن قديماً وحديثاً تحيطها أسوار علي شكل دائرة. والآبار الممتلئة بالماء عادة ما تكون دائرية الشكل. ومجموعة الأصدقاء في لعبة ما يعقدون أياديهم ويقفون علي شكل دائرة متحدين ومتحديين مصممين على الفوز. فالتروس والعجلات ما هي إلا دوائر تعمل على تحريك الآلات والعربات.

والدائرة رغم بساطتها إلا أنها تحوي الكثير من المعلومات أذا استخدمت في رسم ما. فرقم صفر باللغة الإنجليزية هو دائرة كما انه في اللغة العربية تناهي صغر مركز الدائرة لتتحول الي نقطة. وهي تعني لا شيء أو توقف جملة ما عن الاسترسال والاستطراد.

فالساعة التي تشير الي الزمن تدور في دائرة. كذلك أن الكون كله يدور في دوائر. والأرض عبارة عن مجموعة دوائر متداخلة تمثل كرة كبيرة هي الأرض. والشمس والقمر دوائر في كمال استدارتهم. وأيوب النبي يشهد أن الرب الاله السحاب ستر له فلا يُرى وعلى دائرة السموات يتمشى (أيوب 22: 14). والرب يسوع الحكمة الكلمة يشهد عن ذاته بسفر الأمثال إصحاح 8 وعدد 27 و30 قائلا: لما ثبت السموات كنت هناك أنا. لما رسم دائرة على وجه الغمر. كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته فرحة دائما قدامه.

والرسم المقابل يسجل هذه الآية كما تخيلها المصور في العصور الوسطي. فالدائرة عند المؤمن الرسام المسيحي تشير دائما الي الديمومة والأزلية الأبدية التي هي من صفات الرب الاله فهو أزلي أبدى أي ليس له بداية أو نهاية. وكثيراً ما ترسم الدائرة داخل مثلث متساوي الأضلاع أو يتوسطها المثلث الذي يشير إلى الثالوث المقدس: الأب والابن والروح القدس الاله الواحد المتحد الاقانيم.

أو ثلاث حلقات متداخلة تتداخل داخل دائرة. أو متداخلان بما يعرف بنجمة داود وهي عبارة عن مثلثين متساويين الأضلاع متقابلان بستة رؤوس. مشيراً الي المسيح الخارج من صُلب داود والجالس على عرشه. أو مزخرفة بورقة الاكنتس وهي نبات عشبي عرف بمنطقة البحر الأبيض المتوسط بخضرته الدائمة وجمال شكله حتى أنه استخدم في جميع الحضارات كعنصر زخرفي على جميع الأسطح سواء كانت حجر أو قماش أو ورق مخطوطات وغيرها. أو بداخلها صليب مضفر كما لو كان مجموعة من حلقات سلسلة متداخلة مترابطة.

أو زهرة ذات أربعة بتلات تشير إلى جهات الأرض الأربعة التي فرد الرب يسوع ذراعيه على الصليب ليحتويهم جميعاً حيث سيبوق البوق يوماً معلناً مجيئه ودينونته للعالم.