يبس اللسان من العطش
هل مررت يوما بتلك التجربة التي اعتبرها قاسية وهي العطش والحرمان من الماء؟ كم من مرات عديدة نسير في طريقنا وتستنفذ طاقتنا إلى أن ييبس اللسان ويتشقق ويتحول إلى حجر؛ كم من مرات عديدة صرخنا وطلبنا ولساننا- كما يقولون- جف ويبس تماما ولا معين. كم من مرات عديدة جرينا وراء سراب الي ان جف حلقنا ولهثنا تعبا من الجري. كم من مرات عديدة انفعلنا وصرحنا انه لا فائدة.
عزيزي ليست هذه نظرة متشائمة لكنها واقع نجتازه في الكثير من الأحيان، واقع مؤلم مرير لا يمكنك أن تشارك أحد بمشاعرك تجاهه؛ لكنني وجدت واحد وحيد أوحد يمكنه ان يسمعني يرثي لضعفي (عبرانيين 4: 15) ويتضايق لضيقي (اشعياء 63: 9) ويشعر بمشاعري التي تمتزج بالرفض والياس والتعب والجوع والعطش. هو الوحيد الذي قال وبكل ثقة وصدق: إن عطش أحد فليقبل إليّ لتجري من داخله انهار ماء حية تروي الجدوب الذي نعيش فيه.
هو الوحيد الذي قال بكل ثقة وصدق السامرية على البئر (يوحنا ٤): "الماء الذي أعطيه حياة، والفرح الذي أعطيه انهار سلام". يسوع المسيح الانسان المجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية هو الوحيد عزيزي الذي يُقدر ويحترم مشاعرك التي تمر بها. هو الوحيد الذي عنده الحياة ونهر ماء الروح القدس الذي يرشد ويعزي ويقود في برية جدباء وهو الذي يفتح علي الهضاب انهارا، وفي وسط البقاع ينابيع، وهو الوحيد الذي يجعل القفر أجمة ماء والأرض اليابسة مفاجر مياه. وبالتالي عند وجود الماء توجد الحياة والرخاء والزراعات المختلفة وكذلك الثمار والغذاء.
الشعب في القديم كلما نفذ الماء تذمر على موسي (خروج ١٧: ٣) فاخرج لهم الماء من الصخرة التي تبعتهم طوال الوقت؛ والتي هي رمز للرب يسوع الساكن في وسطهم يرويهم من نبع محبته وفرحه وسلامه (كورنثوس الأولى 10: 4) اما كاتب المزامير (٤٢: ٢ ؛٦٣: ١) فنفسه عطشت الي الرب الاله الحي القادر ان يستجيب لمن يطلب الماء (اشعياء ٤١: ١٧؛ ٤٤: ٣).
وهنا يتبادر لذهني قول عاموس النبي (عاموس ٨: ١١) انه في تلك الأيام يقول الرب سوف يرسل جوعا في الارض لا جوعا للخبز ولا عطشا للماء بل لاستماع كلمات الرب، وهذا ما يحدث في العالم هذه الايام بالرغم من الخطة الشيطانية لمنع وصول الإنجيل (البشارة السارة المفرحة) لكل الارض.
فنري في زماننا الذي نعيشه جوع غير عادي لقراءة الكتاب المقدس، جوع غير عادي لمعرفة الرب يسوع المسيح. جوع غير عادي للرجوع الي ذلك الذي صلب علي صليب العار مصالحا إيانا مع الأب ومرجعا المياه لمجاريها بيننا وبينه. جوع يتحول للشبع بعد الاكل من خبز الحياة والشرب من الماء الحي الذي اذا وصلك لن تعطش أبدا.
وهو ما سجله يوحنا الرائي (٧: ١٦) انه في سماء رب المجد لا جوع ولا عطش ولا حر لأنه هو الألف والياء، البداية والنهاية الذي يعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا (رؤيا ٢١ :٦؛ ٢٢: ١٧) والذي يضمن الابدية ويضمنني ويقبلني كبنت ويتقبلك كابن من شعبه فقط أقبله انت اولا وسلم له طريقك وهو يجري ويجعلك مثمرا لنفسك ولمن حولك. تعالي اليه وسلم لديه وضع حياتك بين يديه، سيغفر لك خطايا ماضيك وسيضمن كل الحاضر له، وبالتالي سيعطيك الراحة ويضمد كل جراح ويرويك من نبعه الفائض بالمياه المروية لنفسك العطشانة كالخبر الطيب من ارض بعيدة.