خواطر مسافر إلى النور (٢٢١)
خصوصية الحياة مع المسيح
إن المسيحية التي نولد فيها لا تُدخلنا السماء.. المسيح الذي يُولد فينا فقط هو يُدخلنا السماء
كيف أستطيع أن أؤمن بك يا الله؟ لا أحد يصل إليك إلا بك سبحانك. من أجل هذا أنت تجسدت لتَستَعلِن ذاتَك بذاتك: " عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد“ (١ تي٣) وشرحت لنا "سر الله" الآب والأبن والروح القدس قائلاً: ” أنا في الآب والآب فيَّ “
فعرِفنا ”سر الله“ فيك أيها الرب يسوع المسيح "الله الظاهر في الجسد"، عندما أعلنت لنا "سر المسيح"، إذ قلتَ لنا :"كل شيء قد دُفِع إليَّ من أبي. ليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن، ومَن أراد الابن أن يُعلِن له“ متي ٢٧:١١، فمعرفتك يا الله خصوصية جداً: لأنها معرفة ”سر الله الآب" و"سر المسيح“. و"سر الروح القدس" ” مَن ليس له روح المسيح، فالمسيح ليس له"
" لا يستطيع أحد أن يقول أن المسيح رب (أي الله ظهر في الجسد) إلا بالروح القدس" هذا ما قلته أيها المسيح إلهنا في حديثك مع أبيك الصالح (يوحنا٢٦:١٧)
"وعرَّفتَهم أسمك وسأعرِّفَهم أيضاً ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم“.
لقد منحتنا يا الله نعمة شخصية لكل إنسان بلا استحقاق أو كفاءة، أن يكون له اختبار شخصي هو حب وحياة الله من خلال حب شخصك المبارك ياربي يسوع المسيح بحسب قولك المبارك: ”الذي يحبني، يحبه أبي وأنا أحبه، وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً “
فإن معرفتك هي نعمة الدخول من خلال محبتك ”الله محبة“، إلي شركة حياة الثالوث القدوس الآب والأبن والروح القدس :”هذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت أيها الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته“
نعم … إن حياة الشركة الإلهية هي علاقة شديدة الخصوصية بين الإنسان وخالقه.
هي قدس أقداس. تفاصيلها ليست واحدة بين البشر. هي كيان ومجال وجود الإنسان بحسب المكتوب ”بك نحيا ونتحرك ونوجد يا الله“ فالكيان وجود بالضرورة. والعلاقة هي مجال لكيان موجود.
إن حياة الشركة مع الله هي فوق محدودية الوصف والتعريف. وبالتالي هي فوق أن يحكم أحد على علاقة الإنسان بربه. فالكتاب يقول "لايعرف أحد الله إلا روح الله"
"ولا يعرف الإنسان ، إلا روح الإنسان الساكن فيه“.
ولذلك نستخدم تعبير ”الإيمان“ و”محبة الله“ للإشارة إلى تلك الشركة كوصف خارجي فقط، لا يستطيع أن يصل إلي أعماقها أو يحيط بأسرار ما هو خاص جداً في علاقة إنسان وربه، وكما قال الرب يسوع المسيح :" الريح تهب حيث تشاء، ولا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب“
لذلك نجد أن الذين عاشوا حياة الشركة الإلهية هذه، والتي أشار إليها آباء الكنيسة منذ نشأتها بتعبير ”تأله الإنسان بالاتحاد في بشرية المسيح يسوع“، نجدهم لا يحكمون على العلاقة القدسية لإنسان مع الله : ”فقد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما إنه دنس أو نجس." (أع 10: 28). والعكس صحيح، نجده في كل مَن يؤله نفسه في عين نفسه معتمداً على بره الذاتي أو علمه أو مركزه فيحكم بسهولة على علاقة غيره بالله، فيكفرهم ويلقي عليهم الحرومات.. والسُبح لله